رحلة مع أقوام من الصالحين .. تنافس في الطاعات .. وتسابق إلى الخيرات .. انظر إلى أولئك الفقراء .. انظر إلى أبي هريرة وسلمان .. وأبي ذر وبلال .. وقد أقبلوا إلى النبي عليه السلام .. يشتكون من الأغنياء .. عجباً !! الفقراء يشتكون من الأغنياء !! نعم .. فلماذا يشتكون .. هل لأن طعام الأغنياء ألذ من طعامهم .. أم لأن لباس الأغنياء ألين من لباسهم .. أم لأن بيوت الأغنياء أرفع من بيوتهم .. كلا .. ما كانت هذه شكاتهم .. ولا كان في هذا تنافسهم .. أقبلوا حتى وقفوا بين يدي النبي عليه السلام .. فقالوا يا رسول الله .. جئنا إليك نشتكي من الأغنياء .. قال : وما ذاك .. قالوا : يا رسول الله .. ذهب أهل الدثور بالأجور والدرجات العلى .. يصلون كما نصلي .. ويصومون كما نصوم .. ولكن لهم .. فضول أموال فيتصدقون .. ولا نجد ما نتصدق .. فقال لهم النبي عليه السلام : ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه سبقتم من قبلكم ولم يدركم أحد ممن يجيء بعدكم ؟ قالوا : نعم .. قال : تسبحون في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين .. وتحمدون ثلاثاً وثلاثين .. وتكبرون ثلاثاً وثلاثين .. إنكم إذا فعلتم ذلك .. سبقتم من قبلكم ولم يدركم أحد ممن يجيء بعدكم .. فرح الفقراء بذلك .. فلما قضيت الصلاة فإذا لهم زجل بالتسبيح والتكبير والتحميد .. التفت الأغنياء فإذا الفقراء يسبحون .. سألوهم عن ذلك .. فأخبروهم بما علمهم النبي عليه السلام .. فما كادت الكلمات تلامس أسماع الأغنياء .. حتى تسابقوا إليها .. نعم .. إذا أبو بكر يسبح .. وإذا ابن عوف يسبح .. وإذا الزبير يسبح .. فرجع الفقراء إلى النبي عليه السلام .. فقالوا : يا رسول الله سمع إخواننا الأغنياء بما علمتنا .. ففعلوا مثلنا .. فعلمنا شيئاً آخر .. فقال صلى الله عليه وسلم : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .. والحديث رواه ابن حبان وابن خزيمة .. نعم .. ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) .. وانظر إلى الشيخين الجليلين .. والعلمين العابدين .. انظر إلى أبي بكر وعمر .. كان عمر رضي الله عنه .. يقول : كنت أتمنى أن أسبق أبا بكر .. إن سبقته يوماً .. فأمر النبي عليه السلام الناسَ بالصدقة يوماً .. وكان عند عمر مال حاضر من ذهب وفضة .. فقال في نفسه : اليوم أسبق أبا بكر .. فأقبل على ماله فقسمه نصفين .. وأبقى نصفٍاً لعياله .. وجاء بنصف إلى النبي عليه السلام .. فلما وضعه بين يديه .. رفع صلى الله عليه وسلم بصره إليه ثم قال : ماذا تركت لأهلك .. قال : يا رسول الله .. تركت لهم مثله .. ثم جلس عمر ينتظر أبا بكر .. فإذا أبو بكر قد جاء بصرة عظيمة .. فوضعها بين يدي النبي عليه السلام .. فقال له صلى الله عليه وسلم : ماذا تركت لأهلك .. فقال أبو بكر : تركت لهم الله ورسوله .. فنظر إليه عمر ثم قال : والله لا سابقت أبا بكر بعد اليوم أبداً .. بل انظر إلى صورة أخرى من صور التنافس الحارّ .. يوم يقف النبي عليه السلام أمام جموع المسلمين في معركة أحد .. ثم يعرض سيفه صلتاً ويصيح بجموع الأبطال : من يأخذ هذا السيف بحقه .. عندها تتسابق الأكف .. وتتطاير الأبصار .. وتشرئب النفوس .. عجباً على ماذا يتسابقون ؟! إنه على الروح أن يبذلوها .. وعلى الدماء أن يسكبوها .. والأنفس ليقتلوها .. فيقفز من بينهم أبو دجانة ويقول : وما حقه يا رسول الله .. فيقول النبي عليه السلام : ألا تضرب به مسلماً .. ولا تفر به من بين يدي كافر .. نعم .. لا تفر عن كافر مهما كان قوياً أو ضعيفاً .. شجاعاً أو جباناً .. عندها يأخذه البطل .. ثم يخرج عصابة حمراء فيربطها على رأسه .. ويتبختر مستبشراً فرحاً .. ويضرب به هام الكفار حتى انثنى .. بل .. انظر إلى النبي عليه السلام .. وهو يحدث أصحابه عن يوم القيامة .. ويخبرهم .. أن من أمته سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب .. فيعجب الصحابة بهذا الفضل العظيم .. ويقفز عكاشة بن محصن رضي الله عنه.. سريعاً .. يبادر الموقف وينتهز الفرصة قبل أن تفوت .. ويقول : "يا رسول الله أدعُ الله أن يجعلني منهم .. قال : ( أنت منهم ) .. ويفوز بها عكاشة .. ثم يغلق الباب .. ويقال لمن بعده : سبقك بها عكاشة .. نعم سبق عكاشة فدخل الجنة بغير حساب .. وفاز أبو دجانة بسيف النبي الأواب .. وارتفع أبو بكر على جميع الأصحاب .. وتنافس الأغنياء والفقراء .. والصالحون والأولياء .. همهم واحد .. كما أن ربهم واحد .. وقلوبهم ثابتة .. كما أن عزائمهم ماضية ..
I love Yemen
تشرفنا بمرورك اخي
قوانين المنتدى