ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي **** جعلت رجائي نحو عفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته **** بعفوك ربّي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل **** تجود وتعفو منّة وتكرّما
ولدتك إذ ولدتك أمك باكيا **** والقوم حولك يضحكون سرورا
فاعمل ليوم أن تكون إذا بكوا **** في يوم موتك ضاحكا مسرورا
تعصي الإله وأنت تظهر حبه **** هذا لعمري في الفعال بديع
لو كان حبّك صادقا لأطعته **** إن المحبّ لمن يحبّ مطيع
شكوت إلى وكيع سوء حفظي **** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور **** ونور الله لا يهدى لعاصي
لا تسألنّ بني آدم حاجة **** وسل الّذي أبوابه لا تحجب
الله يغضب إن تركت سؤاله **** وبني آدم حين يسأل يغضب
تفكّرت في حشري ويوم قيامتي **** وإصباح خدّي في المقابر ثاويا
فريداً وحيداً بعد عز ورفعة **** رهينا بجرمي والتّراب وساديا
تفكّرت في طول الحساب وعرضه **** وذلّ مقامي حين أعطى كتابيا
ولكن رجائي فيك ربي وخالقي **** بأنك تعفو يا إله خطائيا
رأيت الذنوب تميت القلوب **** ويورث الذلّ إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب **** وخير لنفسك عصيانها
إلهي أنت ذو فضل ومنٍّ **** وإنّي ذو خطايا فاعف عني
وظنّي فيك يا ربّي جميل **** فحقّق يا إلهي حسن ظني
ولربّ نازلة يضيق لها الفتى **** ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها **** فرجت وكنت أظنّها لا تفرج
خلّ الذنوب صغيرها **** وكبيرها ذاك التقى
واصنع كماشي فوق أرض **** الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرّن صغيرة **** إن الجبال من الحصى
إن لله عبادا فطنا **** طلّقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلمّا علموا **** أنّها ليست لحيٍّ وطنا
جعلوها لجّة واتّخذوا **** صالح الأعمال فيها سفنا
لسانك لا تذكر به عورة امرىء **** فكلّّك عورات وللنّاس ألسن
وعينك إن أبدت إليك معايبا **** فصنها وقل يا عين للنّاس أعين
نعيب زماننا والعيب فينا **** وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب **** ولو نطق الزمان بنا هجانا
وإنّي لأرى الذنب أعرف قدره **** وأعلم أنّ الله يعفو ويغفر
لئن عظم الناس الذّنوب فإنها **** وإن عظمت في رحمة الله تصغر