الأخ سنان، تفضل ما طلبت



****************
تفسير قوله تعالى ( ويؤتون الزكاة وهم راكعون)

(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ ‏الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (المائدة:55) ‏


وننبه هذه الآية ليس فيها ذكر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وإنما جاءت بالأمر بموالاة من ‏تجب موالاته بعد أن نهى الله عز وجل عن موالاة اليهود والنصارى بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ‏آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ‏إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51) ‏
فأوجب موالاة الله والرسول والمؤمنين الذين من صفتهم أنهم يقيمون الصلاة ويؤتون ‏الزكاة، وأنهم راكعون خاضعون لربهم منقادون لأمره.‏
فجملة (وهم راكعون) إن جعلت حالاً، كان معنى الركوع فيها الخضوع والانقياد. ولا ‏يصح أن يكون المعنى الثناء على من يخرج زكاته وهو راكع.‏
قال ابن كثير رحمه في تفسيره: ( وأما قوله ( وهم راكعون) فقد توهم بعض الناس أن ‏هذه الجملة في موضع الحال من قوله ( ويؤتون الزكاة) أي في حال ركوعهم، ولو كان ‏هذا كذلك لكان دفع الزكاة في حال الركوع أفضل من غيره لأنه ممدوح، وليس الأمر ‏كذلك عند أحد من العلماء ممن نعلمه من أئمة الفتوى ).‏
والآثار الواردة التي تفيد أن علياً رضي الله عنه تصدق بخاتمه أثناء ركوعه في الصلاة لا ‏يصح منها شيء.‏
قال ابن كثير رحمه الله بعد إيرادها: ( وليس يصح شيء منها بالكلية لضعف أسانيدها ‏وجهالة رجالها).‏
بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( أجمع أهل العلم بالنقل على أنها لم تنزل في علي ‏بخصوصه، وأن علياً لم يتصدق بخاتمه في الصلاة، وأجمع أهل العلم بالحديث على أن القصة ‏المروية في ذلك من الكذب الموضوع) وقال ( وجمهور الأمة لم تسمع هذا الخبر، ولا هو ‏في شيء من كتب المسلمين المعتمدة: لا الصحاح ولا السنن و لا الجوامع ولا المعجمات، ‏ولا شيء من الأمهات) [منهاج السنة 4/4.]‏
وهذه الآية يراها الإمامية من أقوى أدلتهم على إمامة علي رضي الله عنه، ويزعمون أن ‏الولي بمعنى الأولى بالتصرف، المرادف للإمام والخليفة، وقد حصرت الآية هذه الولاية فيمن ‏زكى وهو راكع وهو علي رضي الله عنه، والجواب على ذلك من وجوه:‏
الأول: أنه لم يصح ما نسب إلى علي رضي الله عنه كما سبق.‏
الثاني: أن هذا الدليل ينقض مذهبهم في ولاية الاثنى عشر إماماً لأنه يقصر الولاية على ‏علي رضي الله عنه بصيغة الحصر (إنما) فيدل على سلب الولاية عن باقي الأئمة. فإن ‏أجابوا بأن المراد حصر الولاية في بعض الأوقات، أي في وقت إمامته لا وقت إمامة من ‏بعده، وافقوا أهل السنة في أن الولاية العامة كانت له وقت كونه إماماً، لا قبله، وهو ‏زمان خلافة الثلاثة.‏
الثالث: أن الله تعالى لا يثني على الإنسان إلا بما هو محمود عنده، إما واجب وإما ‏مستحب، والتصدق أثناء الصلاة ليس بمستحب باتفاق علماء الملة، ولو كان مستحباً ‏لفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولحض عليه ولكرر فعله، وإن في الصلاة لشغلا، ‏وإعطاء السائل لا يفوت، بل إن الاشتغال بإعطاء السائلين قد يبطل الصلاة.‏
الرابع: أن قولهم إن علياً أعطى خاتمه زكاة في حال ركوعه مخالف للواقع، فإن علياً رضي ‏الله عنه لم يكن ممن تجب الزكاة عليه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان ‏فقيراً، وزكاة الفضة إنما تجب على من ملك النصاب حولاً، وعلي لم يكن من هؤلاء.‏
الخامس: أن قولهم: إن المراد بقوله (إنما وليكم الله) الإمارة لا يتفق مع قوله سبحانه (إنما ‏وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) فإن الله سبحانه لا يوصف بأنه متول على عباده، وأنه ‏أمير عليهم، والولاية في الآية هي المحبة لا الإمارة.‏

والله أعلم.

المصدر / اسلام ويب .

****************


الآن هل لديك ماتقوله