اسمع هذا مثلك
قال دوج: أنت تنتقي من القرآن ما يحلو لك.. لماذا لا تقرأ الآيات القرآنية الكثيرة التي تحتوي على كلمة (قتال)..
لقد قرأت كتب العالم المقدسة.. فلم أجد لفظا مستعملا بهذه الكثرة التي استعمل بها القرآن كلمة (القتال) وما في معناها.. إنها تزاحم كلمة الصلاة.. بل تكاد تفوق عليها.
قال الحكيم: صدقت.. لقد وردت كلمة القتال في القرآن كثيرا.. ولكن العبرة ليس بكثرتها، وإنما بنوع الأوامر المرتبطة بها.
قال دوج، وهو يضحك بصوت عال: القتل هو القتل.. ولا يفوح من هذه المادة إلا روائح الدماء.
قال الحكيم: دعنا من هذا الأسلوب.. ولنتحدث حديث العقلاء.. إن المنطق العلمي يستدعي النظر في كل جملة أو آية وردت فيها كلمة القتال في القرآن لنحلل المراد منها.. ثم نرى بعد ذلك ما نوع القتال الذي يطلب القرآن من المسلمين القيام به.. هل هو قتال إرهابيين ظلمة.. أم هو قتال أهل الحق دفاعا عن حقهم.
التفتت الجماعة إلى دوج، وقالت: صدق الرجل.. وقد ألزمك الحجة.. ولا مناص لك من أن تذكر له هذه المواضع التي ورد فيها لفظ القتال لنرى المراد منها.
قال دوج: أول ما يصادفك في القرآن هذه الآية التي نسخت جميع ما ورد في القرآن من الأمر بالسلام:﴿ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً )(التوبة: من الآية36)
قال الحكيم: أنت تقص الآية، وتقطعها عن سياقها.. فالآية لا تأمر إلا بقتال المقاتلين.. لقد جاء فيها:﴿ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً )(التوبة: من الآية36)

هذا دليل قاطع

اقرأ علي ما شئت منها لتعرف من خلالها أن القرآن لم يأذن بالقتال إلا للضرورة القصوى التي استدعت ذلك وفي حدود ضيقة جدا.. ولولا ذلك لظلت الحرب، وظل معها سفك الدماء جريمة من الجرائم الكبرى التي تتنافى مع وظيفة الخلافة التي أنيطت بالإنسان في الأرض.
فتح دوج المصحف، وقد وضع فيه علامات محددة على المواضع التي يريد قراءتها، ثم قال: لقد ورد في القرآن.. في (البقرة:190):﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾
قال الحكيم: واصل قراءة الآية، فهي تجيبك.
واصل دوج:﴿.. الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ (البقرة:190)
قال الحكيم: أرأيت.. لقد حددت الآية الصنف الذي تجب مقاتلته، وهو من يقاتلهم دون من عداهم.. ومع ذلك لم تكتف بذلك.. بل نهت عن الاعتداء بأبلغ الصيغ.. وهي الإخبار بأن الله لا يحب المعتدين.. وهذه الكلمة تمثل عند المؤمنين الصادقين قمة أنواع الزجر.. لأن كل مؤمن صادق لا يهتم في حياته بشيء كاهتمامه بحب الله له، ورضاه عنه.. فإذا علم أن الله لا يحب من تصرف تصرفا أو سلك سلوكا معينا كان أبعد الناس عنه.

عمّو في شغلات كثير بس بدها علماء ، وأصحاب عقيدة