حمى "أي فون" تصيب المغاربة قبل حمى الأكباش
قراصنة درب غلف تمكنوا من فك طلاسم الهاتف العجيب وسوقوه في الجوطية قبل القارة الأوربية

هو رمز للشباب المساير لمتطلبات العصر، والمتتبع لآخر مستجدات التكنولوجيا. وهو أيضا دليل الانتماء إلى مجتمع الصفوة وعلية القوم، ونخية النخبة. إنه "أي فون" آخر مبتكرات شركة "أبل" العملاقة الذي يجمع بين ثلاث خاصيات: الهاتف والموسيقى والانترنيت. ولا يمكن لأي كان أن يسلم من الوصلات الإشهارية التي تملأ شاشات المحطات التلفزيونية العالمية، كما أن العديد من القنوات أعدت برامج وروبورتاجات لرصد أعراض هذه الحمى التي انتشرت في كل أرجاء المعمور من طوكيو إلى باريس، ومن نيويورك إلى الدار البيضاء. وفي كل مرة التهافت ذاته والسباق المحموم لاقتناء الجهاز العجيب.
وإذا كانت حمى المغاربة أقل وطأة من هيستيريا غيرهم في أمريكا وأوربا الذين قضوا ليالي بيضاء في العراء في انتظار فتح المحلات الخاصة بتسويق الـ"أي فون"، فإن الكثيرين منهم كسروا حصالاتهم، وفتحوا أرصدتهم ومدخراتهم، وذهبوا ب"تحويشة العمر" إلى أقرب محل لترويج الحلم الأمريكي.
لقد قامت شركة "أبل" صاحبة الابتكار بثلاث ثورات طيلة تاريخها الحافل، كانت أولها هو اختراع حواسيب "الماكينتوش" التي جاءت بإبداع جديد لا يمكن أن نتصور حاسوبا من الحواسيب من دونه وهو "الفأرة" التي غدت إحدى ركائز العمل المكتبي. ثم قلبت الشركة، التي ترمز إلى نفسها بتفاحة مقضومة، عالم الموسيقى بابتكار جهاز "أي بود" الذي يمكن من تخزين ساعات وساعات من المتعة الموسيقية والفيديو كليب. وآخر الابتكارات هو "أي فون" الذي يمكن من استعمال الهاتف وتلقي المكاملات، والاستماع إلى الموسيقى، والإبحار في عوامل الشبكة العنكبوتية. كل هذا في إطار سهل وجذاب وشاشة هي في حد ذاتها لؤلؤة وإبداع تكنولوجي ورمز من رموز العبقرية البشرية، تتفاعل فقط من خلال اللمس بالأصابع.
أكثر من هذا فإن صاحب شركة "أبل" قلب موازين العلاقة بين مصنعي الهواتف النقالة والفاعلين في مجال الاتصالات. إذ أنه لا يطلب منها فقد تسويق وبيع أجهزته فحسب، بل يحصل على نسبة 30 في المائة من المكالمات التي تجرى بهاتف من نوع "أي فون". وإذا كان أول مسوق في الولايات المتحدة لهذه الخدمة هو "أي تي أند تي" وفي فرنسا "أورانج" وفي إسبانيا "تيليفونيكا وفي انجلترا" أو 2" فقد امتنع جميع الفاعلين في ميدان الاتصالات التعامل مع شركة التفاحة المقضومة التي تحاول القضم من أرباحها. ومن أجل تطبيق سياستها وإرغام الفاعلين على الامتثال لشروطها، فإن "أبل" عمدت إلى بيع هواتف مشفرة ولا يمكنها أن تصبح صالحة للاستعمال إلى بالاشتراك مع الفاعل الذي تمكن بالظفر حصريا بصفقة "أي فون"، وقبل إعطاء حصة 30 في المائة من المكالمات إلى الشركة المصنعة. وبهذه المناسبة تحدى "ستيف جوبز" المدير العام لشركة "أبل" كل القراصنة وعباقرة التكنولوجيا على قدرتهم فك طلاسم الجهاز الذي يوظف أعلى ما وصلت إليه التكنولوجيا.
ورغم كل هذا فقد تمكن قراصنة درب غلف من الظفر بمفاتيح الجهاز العجيب وتم تسويقه في الجوطية البيضاوية قبل دخوله الرسمي إلى بلدان القارة الأوربية، وبالتالي تسابق العديد من المغاربة لاقتناء الجهاز بثمن لا يتعدى 6 آلاف درهم، هو ثمن الحصول على زمردة التكنولوجيا وانتصار العقل البشري وكذا هزيمة "نسبية" لعبقري اسمه "ستيف جوبز".