(الحكمة المظلومة )

(الحكمة المظلومة )


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: (الحكمة المظلومة )

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    هكر نشيط الصورة الرمزية كهرباء 12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    الدولة
    أم درمان السودان
    المشاركات
    190

    Come (الحكمة المظلومة )

    خطيب في مسجد
    أولاً: مقدمة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)( ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)( ).
    أما بعد:
    أيها الإخوة المؤمنون: فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
    أيها الأحباب، أيها الإخوة المؤمنون: أرحب بكم في بيت من بيوت الله، وأتقدم بشكري للإخوة القائمين على هذا المسجد الذي نأمل بإذن الله أن يكون منارة للحق في هذه المنطقة، وفي هذه المدينة.
    أيها الأحباب: موضوعنا -كما علمتم- هو عن الحكمة، ولقد اخترت عنوانا ترددت في إعطائه للإخوة أي في أن يعلنوه، ولكنني في الحقيقة أعطيتهم نصف العنوان؛ لأننا عندما نقول الحكمة هكذا كل يكملها حسب ما يرى، والذي أريد أن أقوله: إن معنى الحكمة الذي أريده اخترت له عنوانا بعنوان: "الحكمة المظلومة"، هذه الحكمة ظلمت -أيها الإخوة- كما سأتحدث.
    وهذا الموضوع من أهم الموضوعات، وتبرز أهمية هذا الموضوع من خلال النقاط التالية، ندرك أهمية موضوع الحكمة من خلال النقاط التي سأذكرها بإيجاز، وأحب أن أنبه إلى أن هذا الموضوع موضوع طويل وشاق ومتعدد الأجزاء والأطراف فسأحاول أن أقتصر على النقاط الأساسية منه دون الدخول في الفرعيات، فقد يقول كثير من الإخوة لو تطرَّق لهذا الأمر، ولو ضرب مثالا بهذه القضية ولو أشار إلى هذا الموضوع، أقول -أيها الأحبة- إن الوقت لا يسعفني لعلاج هذا الموضوع علاجا متكاملا، ولكنني سأقتصر على أبرز ما أراه مهما، وأنتم -والحمد لله- أنتم طلاب علم، ورواد صحوة تعرفون وتستطيعون أن تصلوا إلى مرامي هذا الموضوع وإلى أهدافه وغاياته.


    ثانياً: أهمية موضوع الحكمة

    أعود وأقول: إن موضوع الحكمة موضوع مهم، وتبرز أهميته من خلال ما يلي:
    أولا: أن هذا لفظ "الحكيم" ورد في القرآن العظيم عشرات المرات يصل إلى قرابة في مائة آية، لفظ "الحكيم" ولفظ "حكيما"، وإذا جمعناه مع لفظ "الحكمة" فإنه يتعدى وروده مائة مرة، وهو اسم من أسماء الله، ولي وقفة في هذه الموضوع، من الأشياء التي نقع فيها ونجهلها أقول: إننا نهتم بتوحيد الأسماء والصفات، ومن منهج أهل السنة والجماعة أن نصف الله -جل وعلا-، وأن نسمي الله -جل وعلا- بما سمى به نفسه لا نسميه ولا نصفه إلا بما سمى به نفسه أو سماه به رسوله  ولا نصفه إلا بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله  ولكن هذا الركن لا يكفي فيه مجرد التسمية والفهم وإنما يحتاج إلى التطبيق العملي، كيف؟.
    الوقفة مع أسماء الله وصفاته تحتاج إلى جلسات، وقد ألقى فيها بعض الإخوة شيئا من ذلك، فإننا عندما نقول: إن الله عزيز -جل وعلا-، ونقول: إن الله حكيم، ونقول: إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين لا يكفي أن نقول هذا، وأن نحفظ هذه التسمية أو هذه الصفة وأن نعتقدها اعتقادا مجردا، إن مقتضى معرفتنا بأسماء الله وصفاته أننا عندما نقول: إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، وعندما نعتقد أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين نعلم أنه (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا)( ) ونعلم أنه (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)( ).
    كم من الناس يعتقدون ويقولون: إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، ولكن في حقيقة اعتقادهم نقص، كيف؟ فإنهم يلتمسون الرزق من البشر ويذلون ويضعفون أمام البشر؛ فينافق الموظف لرئيسه والجندي لضابطه، لماذا ينافق له؟ يقول: أخشى على وظيفتي، أخشى على مرتبتي، يا أخي الكريم من الذي يرزقك هل هو مسئولك رئيس الشركة، رئيس الدائرة من هو؟ (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)( ) لو فهمنا مدلول هذا الاسم لما خضعنا ولما ذللنا، ولما التمسنا المعاذير مع أن هذه الأسماء والصفات وبخاصة فيما يتعلق بتوحيد الربوبية لم يخالف فيه المشركون، ويعلمونه حقيقة، أما كثير من المسلمين فهم لم يفقهوا بعد مدلول الأسماء والصفات، بل ولوازم الأسماء والصفات.
    كذلك "الحكيم" عندما نكرر في القرآن قرابة مائة موضع أقل من المائة بقليل "حكيم" "حكيما" (وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)( ) (وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)( ) (وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً)( ) هل نحن ندرك معنى الحكمة؟ أقول: من هنا سبب رئيس يبين لنا أهمية هذا الموضوع.
    ثانيا: أن الله -جل وعلا- أمر بالحكمة في القرآن فقال: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ)( ) طالما سمعنا هذه الآية، طالما ترددت على مسامعنا فمن منا فقه الحكمة ووعاها؟ إنهم قليل (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)( ).
    ولهذا السبب الثالث: أن الله أثنى على صاحب الحكمة فقال -جل وعلا-: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)( ) وهذا دليل على قلة من يؤت الحكمة، وأثنى الله، وامتن الله على لقمان فقال -جل وعلا-: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ)( ) ولو كانت الحكمة متيسرة لكل إنسان لما كانت بهذا المكانة وهذا الأهمية.
    أيضا: أن الحكمة في أحد معانيها هي الفقه في الدين، والرسول  يقول: " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " ( ) فمن أوتي الحكمة فقد فقه في الدين، ومن فقه في دين الله فقد أوتي خيرا كثيرا، وقد أراد الله به خيرا.
    مـن الأسباب: -أيها الإخوة-: الفهم الخاطئ لمعنى الحكمة، كما سأفصل في ذلك -إن شاء الله-.
    سادسا: أن الحكمة ضالة المؤمن.
    سابعا: أن الرسول  اختص ابن عمه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- بدعوة خالصة صالحة، فماذا قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ " اللهم علمه الحكمة " ( ) رواه البخاري، ولولا أهميتها لولا مكانتها لما دعا له الرسول  وخصَّه بها.
    ثامنا: أن هناك من يدعو إلى الحكمة بلسانه، ولكنه يخالف ذلك بفعله.
    تاسعا: أن مدار نجاح الدعوة وفشلها على الحكمة.
    عاشرا: مداهنة الظالمين، وضياع الحق، والسكوت على الباطل كم كان باسم الحكمة، هذه الحكمة المظلومة. نعم -يا أحبتي الكرام- هذا موضوع يحتاج إلى وقفات، كم دوهن الظالمون، وكم ضاع الحق، وسكت على الباطل باسم الحكمة، أن يأتي أناس ويجلسون على الطرقات يغنون ويزمرون ويتجمعون هذا أمر لا يثير مشكلة، ولا يثير شغبا، أما أن يأتي داعية إلى الله -جل وعلا- ليقول للناس: اتقوا الله أيها المغنون أيها المضيعون أيها التاركون للصلاة أيها المتعرضون لحرمات الله، هذا طريق الجنة، وهذا طريق النار، هذا خالف الحكمة، وهذا ضيق على المسلمين، وهذا سبَّب التشويش، أرأيتم كيف تضيع الحكمة؟
    حـادي عشر: أن الحكمة ظلمت من قبل الخاصة والعامة، فالخاصة وهم كثير من طلاب العلم، ومن شباب الصحوة لم يفقهوا معنى الحكمة ويستدلون للحكمة بأدلة أو بقضايا في غير موضعها، وكل منهم يدعي الحكمة لنفسه، والعامة كلهم يطالبون بالحكمة وهم لا يفقهون معنى الحكمة، إذا أمرت بمعروف أو نهيت عن منكر قالوا لك يا أخي: أأمر بالمعروف وانه عن المنكر بحكمة، وهل جاوزت أنت -يا أخي الكريم- الحكمة؟ لكن الحكمة في مفهومهم القاصر في مفهوم هؤلاء العامة، وهو كثير جدا حتى رأينا التهم تطلق للدعاة مما يفهم منه أنهم لا يفهمون الحكمة، كم رأينا من إطلاق لفظ المتزمتين ولفظ المتطرفين ولفظ الأصوليين ولفظ الغالين، وكلها أطلقها أصحابها تتضمن أن هؤلاء لا يفقهون الحكمة؛ فضاعت الحكمة بين الطالب والمطلوب.
    الثانـي عشر: أنني تأملت في واقع الصحوة فرأيت أن الصحوة وأن هذه اليقظة المباركة لا ينقصها الدعاة كما ينقصها الحكماء، الدعوة والصحوة -والحمد لله- بخير عظيم، وهناك عدد كبير في أنحاء العالم الإسلامي من الدعاة إلى الله ولكننا نفتقر إلى الحكماء.
    الثـالث عشر: وقفت متأملا لأحداث أمتنا لماذا لم تنتصر خلال خمسين أو ستين سنة؟ لماذا أجهضت كثير من الحركات ومن الدعوات؟ فوجدت أن هناك أسبابا ولا شك، ومن أبرزها فقدان الحكمة لدى بعض رواد هذه الصحوة في بعض البلاد الإسلامية، ورأيت أن بعض المتحمسين جروا على الأمة بسبب عدم حكمتهم وبسبب عدم فقههم للدين، جروا على الأمة مصائب تأملت في واقع بلد من بلاد المسلمين يعاني أهله الآن، بلاد يحكمه الباطنيون، يحكمه البعثيون وجدت أن المسلمين منذ عشر سنوات أو أكثر يعانون من مصائب جمة لا حصر لها، قتل الرجال، انتهكت الأعراض، هدمت السجون على أصحابها، شرد الآلاف يتم الأطفال، لا شك أن هذا كان بأيدي الظلمة، ولكن وجدت من الذي أثار القضية أو استجاب لإثارتها هم بعض المتحمسين الذين لم يدركوا أن وراء الأكمة ما وراءها، فاندفعوا في معركة لم يحسبوا حسابها، وكانت خاطئة في أصلها؛ فحدثت الويلات ولا يزال إخواننا في ذلك البلد يتجرعون سبب هذا التحمس وهذا الاندفاع بدون ضابط من الشرع أو العقل، والعقل الصحيح لا يخالف النقل الصحيح.
    أخيرا: مما يبرز لكم أهمية هذا الموضوع آمل أن يتدبره إخواني وأن يتأملوا فيه أن الواقع الآن، واقع العالم الإسلامي واقع في الحقيقة صعب، وفي ظل ما يسمى بالنظام الدولي بالنظام العالمي أتوقع وليس هذا توقعا بل هذا ما صرح به زعماء الغرب أنهم يكيدون لهذه الصحوة، وأنها عدواتهم لروسيا أو للشيوعية قد سقطت، وأصبحت روسيا في الفلك الغربي، فعدوهم الذي الآن يخططون له، ولا أقول والله هذا -يا إخوان- تهويلا ولا أقوله مبالغة بل إنني أقول جزءا مما أعلم وأجهل الكثير، الذي يتأمل لما صدر من قرارات ولمراكز الأبحاث في أمريكا وأوربا المخصصة لدراسة هذه الصحوة.
    ولما صدر من مجلس الأمن القومي الأمريكي منذ أيام قريبة يدرك أن عدونا كما بين القرآن (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)( ) في ظل هذه الأوضاع، وفي ظل ما يسمى بالسلام العالمي المزعوم أخشى -وهذا من باب التحذير ومن باب التنبه- أن يستجر شباب الصحوة إلى حفر لا تخدمهم ولا تخدم دعوتهم، فقد توضع بالونات اختبار، وقد يوضع ما يثير حماس كثير من الغيورين؛ فيتحمس الكثير، ويندفع الكثير، ويتصرفون تصرفات قد لا يحمدون عقباها، وقد تجر على المسلمين وعلى الأمة ما جرته في كثير من البلاد الإسلامية.
    وعندما أقول هذا الكلام لا أعني أننا نقف خاملين أمام المنكرات، ولا أن نقف أمام المؤامرات وأمام المكائد وقفة المتفرج باسم الحكمة وخوفا من الاندفاع، نعم أقول: لا يجوز لنا أن نندفع، وأن نتصرف بغير وعي، إذن ما المطلوب؟ المطلوب في هذه المواقف هو الحكمة وهي التي سأتكلم عنها.


    ثالثاً: معاني الحكمة

    والحكمة - كما سأذكر بعد قليل- في مثل هذه المواقف هي وضع الشيء في موضعه، هي فعل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي، عندما أقول هذا الكلام لا يفهم أنني أقول لا نفعل ما ينبغي، لا هي فعل ما ينبغي لكن ما هو الذي ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي، فإذن أقول هذا سبب رئيس آمل أن تدرسوه بعناية -أيها الأحباب-، وألا يستجرنا أعداء الله، يستجروا المسلمين، ويستجروا الدعاة، ويستجروا الشباب إلى أمور يريدون منهم أن يتصرفوا فيها تصرفات حمقاء باسم الحماس والغيرة والاندفاع، فماذا تكون النتيجة؟.
    من أجل ذلك جئت أحدثكم، وما قلته في هذه الدقائق أعتقد أنه قد يكفي؛ لأن التأمل فيما ذكرت يكفينا للبحث في هذه القضية، ولكنني أواصل معكم فأقول:
    ما هي معاني الحكمة؟ سأذكر لكم عدة معاني للحكمة، وسأطيل قليلا نسبيا من أجل أن نستوعب معنى الحكمة؛ لأننا طالما سمعنا كلمة الحكمة، وطالما ألقيت فيها المحاضرات لا في تفصيلها وبيانها ولكن في وجوب الالتزام بالحكمة وأصبحت الحكمة فيما أرى ككلمة التقوى دائما نسمع كلمة التقوى، ولكن القليل منا من يدرك معنى هذه الكلمة، كذلك الحكمة (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ)( ) يسأل سائل ويجيب المجيب، فنقول له: يا أخي يجب أن تلتزم بالحكمة -بارك الله فيكم- ما هي الحكمة؟
    هنا سأقف مبينا معنى الحكمة فأقول: أما في اللغة، فقد وردت لعدة معاني، ولكنها كما قال ابن منظور:"الحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم"، وقال -في المصباح المنير-:" إن الحكمة هي المنع مشتقة من المنع؛ لأنها تمنع صاحبها عن الأرذال، نقول فلان حكيم، لأنه لا يتصرف ويقع في أشياء يعاب عليها" هذا باختصار من ناحية اللغة فهي مشتقة من المنع.
    أما في القرآن والسنة فقد وردت الحكمة لعدة معاني فقد وردت بمعني النبوة: (وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ)( ) (فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)( ) وليس هو موضوعنا، ولكنها أتت لمعانٍ أخرى من هذه المعاني في القرآن أن الحكمة بمعنى القرآن والتفسير والتأويل، وقالوا: الحكمة هي الفقه في الدين: وقيل: الحكمة هي حجة العقل وأحكام الشريعة، وقيل: الحكمة هي الفهم والعلم، وكل هذه المعاني متقاربة، وهي التي ذكرها المفسرون عند تفسير قوله -تعالى-: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ)( ) وعند قوله -تعالى-: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ)( ) وعند قوله -تعالى-: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ)( ) ووردت الحكمة في السنة -أيضا- لعدة معاني، وهي تدور حول هذه المعاني، ومن هذه الأحاديث الحديث الذي رواه بن عباس -رضي الله عنهما- قال ضمَّني رسول الله  وقال: " اللهم علمه الحكمة " ( ) رواه البخاري، وعن أبي هريرة  قال سمعت رسول الله  يقول: " الفخر والخيلاء في أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم، والإيمان يمان، والحكمة يمانية " ( ) رواه البخاري، وقال رسول الله  " لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، وآخر آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها " ( ) رواه البخاري، وعن أبي بن كعب أن رسول الله  قال " إن من الشعر حكمة " ( ).
    وهذه المعاني التي وردت في هذه الأحاديث من معانيها الإصابة والفهم والعلم، أو ما يشهد العقل بصحته وهو المنع من السفه، وبما أننا ذكرنا هذا الحديث العظيم " إن من الشعر حكمة " ( ) وهو حديث صحيح أردت أن أخفف عنكم، وأذكر لكم نموذجا أراه من هذه الأشعار التي هي فعلا التي وصفها الرسول  بالحكمة يقول الشاعر:
    كـتب المــوت علـى الخلق فكم ثـل مـن جـيش وأفنى مـن دول
    أيــن نمــرود وكنعـان ومـن ملـك الأرض وولــى وعـــزل
    أين مــن سـادوا وشـادوا وبنوا هلـك الكــل ولـــم تفنى القلل
    أنـا لا أختــار تقبيـــل يــد قطعهـا أجـمل مـــن تلك القبل
    ملـك كســرى عنـه تغني كسرة وعـــن البحـر اجتزاء بالوشـل
    ليس يخـلو المــرء من ضد ولو حـاول العزلة فـــي رأس الجبل

    اسمعوا أيها الدعاة:
    ليس يخـلو المـرء مـن ضد ولو حـاول العزلـة فـي رأس الجبل
    فـي ازدياد العلــم إرغـام العدا .................................

    الآن في أمريكا أكثر من خمسين مركز أبحاث مخصص لدراسة شباب الصحوة وعلماء الصحوة وعلماء الأمة وتأثيرهم على أمتهم
    في ازدياد العلم إرغام العدا وجمــال العلـم إصلاح العمـل

    صدق رسول الله  " إن من الشعر حكمة " ( ).


    رابعاً: بعض الأحاديث التي وردت في الحكمة وهي ضعيفة أو موضوعة

    ولعل بالمناسبة رأيت من المفيد أن أذكر باختصار شديد بعض الأحاديث التي وردت في الحكمة وهي ضعيفة أو موضوعة، وسأذكرها بدون تعليق عليها مع التنبيه أن بعض معاني هذه الأحاديث صحيح من حيث المعني، ولكن لا يجوز أن ننسبه لرسول الله  إذا لم يثبت فمن هذه الأحاديث -وهي مشتهرة- ما روي عن أنس  قال: " الطمع يذهب الحكمة من قلوب العلماء " هذا الحديث موضوع.
    وعن ابن عمر " قلب ليس فيه حكمة كبيت خرب فتعلموا وعلموا " هذا حديث ضعيف، ولعل من الأدق بعض الإخوة نقول إسناده ضعيف، فأنا عندما أقول ضعيف فإنني أقصد أن إسناده ضعيف.
    وعن أبي هريرة " الكلمة الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها جذبها " ( ) وفي رواية " فحيث وجدها فهو أحق بها " ( ) هذا الحديث بروايتيه ضعيف جدا.
    وعن ابن مسعود: " رأس الحكمة مخافة الله " هذا الحديث أيضا ضعيف.
    وعن أبي هريرة  " إذا رأيتم الرجل قد أعطي زهدا في الدنيا، وقلة منطق فاقتربوا منه فإنه يلقن الحكمة " ضعيف.
    وعن جرير  " الرفق رأس الحكمة " ضعيف.
    وعن أبي هريرة: " الحكمة عشرة أجزاء تسعة منها في العزلة وواحد في الصمت أو واحد في الصمت " حديث ضعيف جدا.
    وعن أنس  " الحكمة تزيد الشريف شرفا، وترفع العبد المملوك حتى تجلسه مجالس الملوك " ضعيف.
    وعن علي  "أنا دار الحكمة"، عن رسول الله  "أنا درا الحكمة وعلي بابها " موضوع.
    وعن أبي أيوب: " من أخلص لله أربعين يوما ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه " حديث ضعيف.


    خامساً: ملخص لما ورد من معنى الحكمة في الآيات والأحاديث

    بعد ذلك أختصر لكم معاني الحكمة بمعاني سهلة موجزة، فقيل: إن الحكمة، وهذا ملخص لما ورد من معنى الحكمة في الآيات والأحاديث، ولكنه تلخيص سهل واضح بين يكون في أذهاننا -بارك الله فيكم-، قيل: الحكمة هي وضع الشيء في موضعه، في وقت القوة نستخدم القوة، في وقت المسامحة المسامحة، في وقت التنازل التنازل فإذا وضعنا هذا مكان هذا فقد أخطأنا:
    ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضـر كـوضع السـيف في موضع الندى

    وقيل: الحكمة هي الإصابة في القول والعمل، وقال ابن القيم:"وأحسن ما قيل في الحكمة قول مجاهد ومالك أنها معرفة الحق والعمل به والإصابة في القول والعمل وهذا لا يكون إلا بفهم القرآن والفقه في شرائع الإسلام وحقائق الإيمان".
    ومن معاني الحكمة أنها القصد والاعتدال وإدراك العلل والغايات، والبصيرة المستنيرة التي تهديه للصالح الصائب من الحركات والأعمال وهذا التعريف لسيد.
    وقال الألوسي: قال أبو عثمان:"الحكمة هي نور يفرق به بين الوسواس والإلهام"، وقال -أيضا-:" هي مصدر من الإحكام وهو الإتقان من علم أو عمل أو قول أو فيهما جميعا"، وأخيرا من أفضل تعريفات الحكمة، أختم به هذه التعريفات هو أن الحكمة فعل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي، مثال: الصلاة، فعل الصلاة والأمر بفعل الصلاة فعل ما ينبغي، والأمر بالغناء ليس مما ينبغي، فإذن نقول: إن الأمر بالصلاة هو فعل ما ينبغي، نقول هذا هو الحكمة، نقول لا أنتظر الأمر بالصلاة فعل ما ينبغي كما ينبغي، لو جاء إنسان منا يقول الأمر بالصلاة فعل ما ينبغي لكنه لم يلتزم كما ينبغي، فجاء لإنسان نائم يريد أن يأمره بالصلاة وضربه أو أخذ ماء وصبَّه عليه، ويقول: أنا أمرته بالصلاة، والصلاة يجب (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ)( ) نقول: أنت أمرت بما ينبغي لكنك لم تأمر به كما ينبغي.
    " مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر " ( ) أن تضرب ابنك وعمره أقل من عشر سنوات، أنت أمرت بالصلاة وهو فعل ما ينبغي لكن ليس كما ينبغي؛ لأن الرسول  أمرك أن تقتصر على الأمر، وإذا كان ابن عشر سنوات " واضربوهم عليها لعشر " ( ) أن تضربه، لكن لا تضربه تجلده كما يفعل بعض الآباء، لا ضربا يسيرا هينا، كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي إذا رأيت واحدا رايح إلى المسجد، تقول له: روح صلي يا أخي هو الآن رايح المسجد، فكيف تقول له: اذهب وصلي، أذكر واحدا كان ذاهبا إلى المسجد، فواحد متحمس -جزاه الله خيرا- لقيه جاهل أيضا فيما أعرف أنه رجل جاهل، فقال له: يا أخي صلي، قال: ما أنا مصلي، وهو رايح إلى المسجد، ليش يا أخي تقول ما أنا مصلي، قال: شوف أنا رايح للمسجد أنا أمام المسجد يقول لي قم صلي، فقلت: ما أنا مصلي، بل إنني أعرف واحدا هذا قالها قولا واحدا رجع وترك الصلاة، نعم رجع وترك الصلاة، وهذه قصة نعم حقيقية ووجدته غضبان يرغي ويزبد؛ لأنه تكلم عليه، ولكن -الحمد لله- وجدت أن هذا الشخص الذي تكلم عليه عندما أخذته وجدته رجل قد رفع عنه القلم، قلت: الحمد لله وإلا قال: ما أنا مصلي رجع وخلى المسجد؛ لأنه تكلم عليه، قال له: صلي بعبارات قاسية، قال: أنا ذاهب أن أصلي، ويقول: لي صلي ويصفني بصفات قبيحة، لكن أقنعته أن هذا الرجل خفيف العقل وجاهل، فأعدته إلى المسجد، إذن فعل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي.
    هذا من أفضل تعريفات الحكمة فإذا وضعناه دائما أمامنا انحلت المشكلة، مشكلتنا أنه إذا اختل ركن من هذه الأركان أخللنا بالحكمة، دائما نتصور أن فعل ما ينبغي مباشرة هو الحكمة، وصحيح هو فعل ما ينبغي هو الحكمة لكن بمعناها الجزئي لا كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي، ثلاثة أركان فإذا توافرت -يا أخي الكريم- فأنت على خير، وإن لم تتوافر هذه الأركان أو اختل ركن منها فتوقف.


    سادساً: من أمثلة الحكمة في القرآن والسنة

    بعد ذلك أنتقل بكم وأقول: إن القرآن والسنة مليئة بالآيات والأحاديث التي هي عين الحكمة، والقرآن والسنة كلاهما حكمة، ولكن أختار مثال واحد من القرآن الكريم، وهو في السنة -أيضا- وهي السورة التي قرأها الإمام -جزاه الله خيرا- هذا اليوم، وسررت لما قرأها -جزاه الله خيرا- وذكرني بهذا المثال سورة البروج، وقصة البروج جاءت مجملة بالقرآن، ومفصلة في السنة، فدعونا نقف مع بعض الحكمة فيها.
    هذا الشاب الذي هو عبد الله الغلام لما اهتدى، وخالف قومه على يد الراهب، ولم يستمع إلى الساحر حاول الملك قتله؛ لأنه خالف ما عليه القوم فذهب به إلى البحر، وغرق الذين ذهبوا لإغراقه، ورجع بفضل الله، ثم ذهبوا به إلى الجبل، واهتز الجبل؛ لأنه قال:" اللهم اكفنيهم بما شئت" فتردوا من الجبل، ورجع للملك ويتحدى يرجع للملك هذا الآن سلم، فمعناه كأنه أخذ حصانة أنه لن يستطيع عليه الملك، وقال للملك هو قال: لا تتعب كل ما أرسلتني لا يكفي أنك لن تستطيع قتلي لا أصحابك هم الذين سيذهبون وزد وأنا أزيد أو زد ويزيد الله مع أي فرقة سترسلني سيهلكون وأرجع، هنا المتبادر إلى الذهن ما دام جاءته هذه الحماية الإلهية، وهذه الكرامة أن يصدع بالحق ويدعو إلى الله ويصبر ويجاهد نعم هذا كلام طيب، لكنه وجد أن الحكمة فعل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي هو ماذا يريد عندما يدعو الناس؟ هذا يريد هداية الناس أليس كذلك؟ يريد تعبيد الناس لله -جل وعلا-.
    يا أخي الكريم إذا جاءتك فرصة شرعية أن تستطيع أن تهدي الناس، ناس على ضلال في يوم، وممكن احتمال تهديهم خلال سنة، تختار أنك تحاول تهديهم في يوم ولا خلال سنة، بالأسلوب الشرعي بالضوابط الشرعية، لا شك أنك تبعث عن يوم مادام شرعياً، هو ألهمه الله -جل وعلا- الحكمة، فقال أتريد قتلي؟ قال: نعم لأنه يعرف أن الملك مُصِر على قتله، قال أنا أدلك؛ لأنه أيضا فيه احتمال أن الملك يسجنه ما يقتله، فيعزل عن الناس، قال: اجمع الناس في صعيد واحد واصلبني وخذ سهما من كنانتي وقل: باسم الله رب الغلام بصوت مسموع وأطلق السهم وسأموت، قال: بسيطة حمد الله، غبي، فجمع الناس أعماه الله ولا يفكر في هذا الموضوع، ذاك عبد الله الغلام له هدف بعيد (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ)( ) هذا من معنى (وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)( ) كما أننا أن نريد أن تكون حياتنا لله، هذا أيضا يقول: مماتي لله يموت موته يكون سبب هداية فجمع الناس، وأخذ سهما من كنانته، وقال: باسم الله رب الغلام وأطلقه، فمات قال: الناس كلهم آمنا بالله رب الغلام، هذا ما يريد، هذا هدفه، قد يقول قائل: طيب بس ضحَّى بنفسه نعم يا أخي ضحى بنفسه في الدنيا العاجلة، وأبقى نفسه في الأخرى، وأنقذ أمته، أحيا أمة كاملة.
    أرأيتم وصاحبنا هذا، أقول: هذا نعم عبد الله الغلام يذكرني بقصة مع كل أسف سأضطر أقولها: إن أحد الطيبين منذ سنوات قديمة يعني ممكن خمسين ستين سنة كما يذكر لنا أو قريب من هذا كان يتكلم بكلمات في بعض المساجد ويؤخذ يسجن يوم يومين كانت الأمور متواضعة يقول كلمة حق ويؤخذ للسجن يوم يومين حتى أذكر أن هذا الرجل الصالح، وفيما أعلم أنه لا يزال على قيد الحياة إذا أراد يخرج من السجن قالوا له: خذ فراشك قال لا خلوه سأرجع فما أنا مطول هاروح المسجد، إذا اتكلمت ترجعون ليش نقعد ننقل الفراش رايح جاي، فيوم من الأيام لما سجن جاء الناس لأبوه قال شوفوا ولدي دا اسجنوه، أبوه صحيح إنه طيب لكن جاهل، والجهل مصيبة، فجاء له وقال خلي أبو هريرة ينفعك لأنه دائما إذا استشهد قال أبو هريرة، نعم عامي جاهل نعم -يا إخوان- هذه الكلمة الذي قالها جاهل وضحكنا لها، والله يقولها أناس مع كل أسف يقول: أنت ما ملزوم -يا أخي- أنت تتكلم في أمور ما تعنيك، والرسول  يقول: " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه "( ) (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا)( ) يا أخي إيش استفدت أنت الآن دعيت اهتدى الناس، واحد يقول لتلميذ من تلاميذه وينقلي هذا التلميذ، يقول: ذهبت لزيارة هذا الرجل وكان أستاذا له، ولا أقول إنه من العلماء لكن كان أستاذا له في مدرسة من المدارس، كانوا يدرس إحدى المواد، فقال ما شاء الله أشوف لك نشاطا طيبا وكذا، قال: نعم، قال: يا أخي بأنصحك نصيحة هذه يقولها الأستاذ، قال: نعم، قال: أسألك سؤالا -جزاك الله خيرا- لو شفت السيل مدرهم تبعد قدامه ولا تجري وتخليه، فتلميذه كان حكيما قال: يا أستاذي لو شفت السيل مدرهم وشفت الناس يمكن تنذرهم تنذرهم ولا تجري وتخليهم، قال: لا أنذرهم، قال: أنا أنذرهم، نعم، فهذا الواقع الآن فإذا هذا عبد الله الغلام أعطي الحكمة، لكن فعلا كانت الحكمة في موضعها.
    أقول الأمثلة بالكتاب والسنة كثيرة معاملة الرسول  للمنافقين عجيبة جدا، إجابته على السائلين، قضيته مع المؤلفة قلوبهم لا يتسع المقام أبدا لذكر هذا، قصته حتى في قصة فردية مع الذي جاء يستأذن الرسول في الزنا -كما تعلمون- الله أكبر!


    سابعاً: خوارم الحكمة وموانعها
    من خوارم الحكمة الهوى وعدم التجرد

    عين الحكمة لا أطيل فيها؛ لأن الوقت ضيق وهي معروفة لديكم، وإنما أنقلكم لموضوع مهم، وهو سميته بعنوان أسباب عدم الحكمة أو أقول خوارم الحكمة وموانعها، إذا وجدت هذه الأشياء أو وجد بعض هذه الأشياء لا يوفق الإنسان للحكمة، وهي: الهوى وعدم التجرد (وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)( ) (أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ)( ).
    فإذن أيها الإخوة الهوى يعمي ويصم
    وآفـة العقل الهوى فمن علا علـى هـواه وعقلـه فقد نجا
    إذا بلوت السيف محمـودا فلا تذممه يوما أن تــراه قـد نبا

    الهوى مصيبة ومن أسوأ ومن أشد موانع وخورام الحكمة، فإذا وجد الهوى لا توجد الحكمة لا يجتمعان. من خوارم الحكمة الجهل

    ثانيا: الجهل، الجهل بلية البلايا ومصيبة المصائب، وأكثر من يقع منهم خلاف الحكمة لا يقع من العلماء، العلماء لا يقع منهم خلاف الحكمة إنما يقع عدم الحكمة وخلاف الحكمة من الجهل ولي وقفة معه بعد قليل.
    من خوارم الحكمة الأخذ بظواهر النصوص وعدم الجمع بين الأدلة

    ثالثا: الأخذ بظواهر النصوص وعدم الجمع بين الأدلة، مع كل أسف -أحيانا- هناك بعض المتحمسين يأخذون بظواهر النصوص، ويتركون الجمع بين الأدلة، وهذا من خوارم الحكمة، هو يستدل بدليل من الكتاب والسنة لكنه أخذ بظاهر الدليل، ولم يأخذ بحقيقة الدليل ولم يجمعه مع غيره من الأدلة.
    من خوارم الحكمة الاستدلال بالأدلة في غير مواضعها

    رابعا: الاستدلال بالأدلة في غير مواضعها، وهو قريب من السابق من خوارم الحكمة وموانع الحكمة الاستدلال بالأدلة، هو يستدل بالأدلة يقول: قال الله أو قال الرسول  لكن في غير مواضعها.
    خذوا بعض الأمثلة: كم سمعنا من الاستشهاد بقوله -تعالى- (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)( ) هذا كلام صحيح لا شك، كلام الله، الله -سبحانه وتعالى- يرسل موسى وهارون -عليهم السلام- إلى فرعون، ومع ذلك وهو مدعي الألوهية يقول لهما: (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)( ) نقول هذا الكلام صحيح لكن ليس هذا الدليل دائما يستشهد به، غير صحيح دائما يستشهد به، لماذا؟ إذا كانت اللين -يا إخوان- وكان القول اللين هو الذي ينفع فنقول: (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً)( ) لكن إذا قلنا قولا لينا وما نفع حاولنا مرة مرتين عشر لماذا ننسى الآية الثانية، وكم مرة أسألكم كم مرة سمعتموها الآية الثانية، وذكرها الله عن موسى -عليه السلام- في مقام الثناء (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً)( ) هل خالف موسى أمر الله لما قال له: (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً)( ) الله يقول له: (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً)( ) ويذهب موسى -عليه السلام- ويقول يا فرعون إني لأظنك مثبورا (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورا)( ) حاشا لله وكلا.
    لكن فرعون جاءه القول اللين من موسى -عليه السلام- ومن هارون مرة ومرتين وثلاث وما نفع فهنا لم يكن
    إذا لم يكن إلا الأسنة مركبا فمـا حيلة المضطر إلا ركوبها

    لما أيس منه موسى قال له القول الغليظ الشديد العنيف، وبعبارة أدق أقول: القول القوي لا أقول الغليظ حتى أكون دقيقا (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورا)( ) كم مرة سمعتم (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً)( ) وكم مرة سمعتم الآية الأخرى، لماذا لم نذكر هذه الآية ونذكر هذه الآية؟ لماذا دائما نستشهد بهذه الآية ولا نستشهد بهذه الآية؟
    الذين يستشهدون بآية طه فقط دائما مخطئون خالفوا الحكمة، والذين يستشهدون بآيه الإسراء دائما خالفوا الحكمة، بل الذين يفعلون آية طه دائما دائما في كل الأحوال خالفوا الحكمة؛ لأنهم لم يضعوا الشيء في موضعه ولم يفعلوا ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي، كذلك الذين يستشهدون دائما بآية الإسراء أو يفعلونها دائما ولم يستخدموا الأولى أولا هم مخطئون أيضا وخالفوا الحكمة، الحكمة ما هي استخدام الأدلة والاستشهاد بالأدلة في موضعها.
    اثنان: كم سمعنا إذا قلت لإنسان يا أخي لماذا لا تأمر لا تنهى أو من يأتيك يقول الله -سبحانه وتعالى- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)( ) استشهاد بالأدلة في غير مواضعها وأبو بكر  يقول:" إنكم تضعون هذه الآية في غير موضعها".
    ثالثا: (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ( ) نسمع هذه الآية كثيرا، وتتلى على مسامعنا وهي لا شك طاعة الله واجبة وطاعة الرسول واجبة، وإجابة وطاعة أولي الأمر واجبة، ولكن بشرط طاعة الله واجبة بدون شرط، طاعة الرسول واجبة بدون تحفظ، طاعة أولي الأمر واجبة بشروط، دائما نسمع هذه الآية بدون شروطها هذا استشهاد للآية في غير موضعها، إذا أمروا بطاعة الله فمنهج أهل السنة والجماعة بل هو أمر الله أن نطيع، وإذا كان الأمر بمعصية فلا " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " ( )؛ ولذلك قال العلماء: إن في هذه الآية سرا بديعا قال: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)( ) ولم يقل:"وأطيعوا أولي الأمر منكم" إنما قال: (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)( ) مما يشعر أن طاعة أولي الأمر مقيَّدة بطاعة الله ورسوله، فإذا لم يكن أمرهم بما يفهم منه طاعة لله ورسوله فلا سمع ولا طاعة، هكذا قال العلماء.
    أيضا من عدم الحكمة، ومن الاستشهاد بالآية في غير مواضعها (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)( ) وأبو أيوب  عرف معنى هذه الآية، إن أمرت بمعروف، نهوت عن منكر، ذهبت للجهاد قال: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)( ) أيضا من الآيات (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا)( ) (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)( ).
    أيضا من الأحاديث حديث " فإن لعينك حظا ولنفسك حظا ولأهلك حظا " ( ) نحفظ هذا الحديث لكن قليل منا من يحفظ " فإن لربك عليك حقا ولأهلك عليك حقا ولنفسك عليك حقا " ( ) أو كما قال  " فأعط كل ذي حق حقه " ( ) أيضا دائما نسمع " ففيهما فجاهد " ( ) صحيح لكننا ننسى قوله -تعالى-: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً)( ) إذن يا أحبتي الكرام الاستشهاد أو الاستدلال بالأدلة في غير مواضعها خلاف الحكمة من خوارم الحكمة.
    من خوارم الحكمة عدم فهم الدليل أو عدم فهم أسلوب تطبيقه

    خامسا: عدم فهم الدليل أو عدم فهم أسلوب تطبيقه ومتى، وقد ذكرت لكم مثالا لهذا في الصلاة عندما مثلَّت "فعل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي" فعدم فهم الدليل، قد تقول: قل لي مثالا عمليا عدم فهم الدليل الرسول  قال: " واضربوهم عليها لعشر " ( ) لكن -يا أحباب- هذا الضرب ضرب تأديبي غير شديد غير مبرح، لماذا؟ لأنه لو كان ضربا زاجرا لكنا أوجبنا على الطفل الصلاة قبل الخامسة عشر في العاشرة، والله لم يكلف إنما الرسول أمر بضربه ضربا تأديبيا تربويا بس، أما تأخذ العصا وتجلده غير صحيح، ضرب الزوجة (وَاضْرِبُوهُنَّ)( ) لا اشترط العلماء ضوابط، نستشهد أحيانا خطأ في هذه الآية.
    فإذن أيضا من خوارم الحكمة محدودية التجربة كم نعاني اسمحوا لي أن أكون صريحا معكم نحن نرى شبابا -ما شاء الله- الغيرة والحماس ومستعدون أن يموتوا في سبيل الله، وأسال الله أن يثبتنا وإياهم على الحق، لكن محدودية تجربتهم يجعلهم يتصرفون أحيانا تصرفات لا يحسبون حسابها، فمحدودية التجربة من خوارم الحكمة؛ ولذلك ورد في الأدب المفرد في البخاري " لا حكيم إلا ذو تجربة " ( ) فقلة التجربة من خوارم الحكمة. من خوارم الحكمة الفردية

    أيضا من خوارم الحكمة:
    الفردية: أن يتصرف الإنسان بمفرده، ولا يستشير. من خوارم الحكمة عدم تحديد الأهداف

    أيضا: عدم تحديد الأهداف، التخبط، الفوضوية، كل هذا من خوارم الحكمة.
    من خوارم الحكمة النظرة السطحية وتقديم الجزئيات على الكليات

    أيضا: النظرة السطحية، وتقديم الجزئيات على الكليات، هناك -يا أحباب- جزئيات وكليات، فإذا قدمنا الجزئيات على الكليات هذا من خوارم الحكمة، هنا أذكر مثالا يذكر لي أحد الإخوة أنه كان في دولة عربية فجاءه بعض الطيبين، وسألهم عن شخص، فأثنوا عليه قالوا: طيب وأخلاقه طيبة وأثنوا ثناء كثيرا، فاستغربت فقلت: يا إخوان يعني هذا الثناء عليه ما عليه ملاحظات، فقالوا: والله ما نعرف عليه إلا إنه عنده شوية إلحاد بس، شوية إلحاد، بس، ما هي مشكلة نعم، شوية إلحاد بس، مشكلة، الإلحاد كفر بالله أخلاقه ومعاملاته قد يصلي وقد يعمل بعض الأعمال وهو ملحد -والعياذ بالله- ولا تستغربوا.
    والله يذكر لي أحد الإخوة أنه جاءه فلان وأعرفه باسمه وقال له:أسألك سؤالا، قال: نعم، محافظ أعرفه محافظ على الصلاة قال: والله بس أنا بصراحة ما آمنت بعذاب القبر أو بالقبر كله، بالحياة في القبر، طيب ويصلي، هذا يحتاج من جديد نبدأ معه نبدأ أولا في العقيدة، وقلت لكم: في دولة عربية يذكر أحد الدعاة أنه ذهب لدولة من الدول العربية وجد في الجامعة شيوعيين ووجد كتابات الشيوعية مكتوبة على الجدران، فيقول: ذهبت لشخص وجلست معه، يقول: جلسنا نتحدث عن الجامعة، شخص إنسان ما أدري هو عادي ولا عامي ولا، لا أستطيع أجزم بذلك، يقول: قلت له: يا أخي عندكم الجامعة -أعوذ بالله- فيها الشيوعيين، ورئيس الجامعة شيوعي معروف إلى الآن شيوعي حداثي ملحد -والعياذ بالله-، يقول: كان الله رمادا، كان الله دخانا، نعم هذا رئيس الجامعة.
    إذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشـيمة أهـل البيت كلهم الرقص

    ولا نقول الكل، فيقول أتحدث معه عن جامعتهم فيقول قلت له أنا زائر لكم يا أخي والجامعة جزاكم الله خيرا لو تحاولون مع العلماء ومع طلاب العلم وتذهب أن تتحرك في هذا الموضوع، يا أخي حتى الشعارات الإلحادية مكتوبة على الجدران، أعوذ بالله، قال: لا في ما هو أعظم وأعظم بعد، قلت له: خير، قال: يدخنون بعد، قلت يدخنون، قال: نعم، قلت: أعوذ بالله من حالهم، نعم يا إخوان أحيانا نقدم الجزئيات على الكليات أصول العقيدة ننساها، وأركان الإسلام، ننساها، وننشغل في قضايا جزئية كالذي قد طعن وخرجت أمعائه، وهو رايح للدكتور بطته شوكة وجاء الأطباء لمعدته قال: لا لا الشوكة بس شوفوا الشوكة، يا أخي الآن أنت المعدة مشقوقة قال: لا الشوكة بس أو والده ما نقول هو لا، والده، يقول: طيب طلعوا الشوكة أولا، لا يا أخي خلوا الحياة الأول والشوكة لاحقين عليها، فإذن السطحية وتقديم الجزئيات على الكليات، ولا يعني هذا إهمال الجزئيات كلا وحاشا لا، لكن تقدم الكليات على الجزئيات.
    من خوارم الحكمة العجلة وعدم ضبط النفس

    أيضا: من خوارم الحكمة العجلة وعدم ضبط النفس، وهذا مأخذ ظاهر العجلة (وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ)( ) نعم، ومرة أخرى هذا يلحظ على قلة، أقول: قلة من بعض الغيورين يتعجلون أحيانا مع أن أعداء الله، "ذلة العالم مضروب بها الطبل" يضخمون هذه الأشياء أنا أقول: هي محدودة وجزئية.
    من خوارم الحكمة الخلط في المفاهيم

    كذلك من خوارم الحكمة: عدم الحكمة أو عدم التثبت من خوارم الحكمة عدم التثبت، وهذا سآتي له بعد قليل أيضا آنية التفكير وموسمية العمل، والارتجال، أيضا الخلط في المفاهيم، وقفوا معي قليلا يا إخوان في مشكلة الخلط في المفاهيم.
    عندنا -مع كل أسف خلط- في المفاهيم، مثال: خوف الفتنة يجب أن نقي أمتنا الفتنة، ويجب أن نبذل كل ما نستطيع من وسائل لوقاية الأمة من الفتنة، ولكن خوف الفتنة جر علينا أشياء كثيرة من التنازلات عدم الجهر بالإنكار، السكوت عن أخطاء لو أراد إنسان ينقد -مثلا- بعض الجماعات الإسلامية قالوا: لا لا لا تنقض الجماعات من الحكمة حتى نخاف من الفتنة، لا يا أخي، فأقول: خوف الفتنة وضع في غير موضعه.
    أيضا: من الخلط في المفاهيم وحدة المسلمين، وحدة المسلمين مطلب، اجتماع المسلمين مطلب، "الخلاف شر" -كما قال عبد الله بن مسعود- (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً)( ) ولكن هل هذا يدعونا إلى السكوت من أجل ما يسمى بوحدة المسلمين السكوت عن بيان منهج أهل السنة والجماعة؟ هل يدعونا أن نسكت عن البدع والمنكرات العظيمة؟ ونقول: نخاف أن يتفرق المسلمون هذا خلط في المفاهيم يا أخي الكريم، من منهج أهل السنة والجماعة السعي لوحدة المسلمين، لكن قبل ذلك هو أن نجهر بالحق في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة، وفي إنكار المنكرات المخالفة للعقيدة بالأسلوب الشرعي.
    أيضا: من الخلط في المفاهيم الطاعة والخروج، أيضا فرض الكفاية، الخلط بين الحزبية والانتماء، هذا الموضوع -يا إخوان- أقول: فيه خلط عظيم، من عدم الحكمة الخلط فيه الحزبية شيء والانتماء شيء آخر، الحزبية لا تجوز إلا أن يكون المسلمون حزبا واحدا ضد الكفار، أما أن يتحزَّب المسلمون ويتشتتوا، فهذا لا يجوز يتحزب المسلمون بعضهم ضد بعض لا يجوز، لم يرد حزب الله إلا مفردا في القرآن (أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ)( ) أما الشيطان حزب الشيطان فقد ورد مفردا ومجموعا (أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ)( ) (أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ)( ) (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ)( ) هذه الحزبية، أما الانتماء فلا، الانتماء مطلوب لأهل السنة والجماعة، الانتماء للمنهج مطلوب، الانتماء لجماعة أهل السنة والجماعة مطلوب، فنحن خلطنا بين الحزبية والانتماء، فالذين لا يريدون الحزبية ومعهم الحق تصوَّروا أن الانتماء حزبية، من قال لك: إن الانتماء لمنهج أهل السنة والانتماء لجماعة المسلمين حزبية؟ هذا خطأ، والذين يشفقون على الانتماء اختلط عليهم المفهوم فوقعوا في الحزبية تصوروا أن الحزبية هي الانتماء، والانتماء هو الحزبية، هذا خلط في المفاهيم، الحزبية شيء والانتماء شيء آخر.
    أيضا: الخلط بين الوسائل والغايات، فرق بين الوسائل والغايات، آخر مثال بسيط جدا في الخلط بين الوسائل والغايات اليوم جاءني سؤال بالهاتف واحد يقول: مثال لا أريد أن أعطي المثال الذي ذكره تماما لكن نوع المثال أنني أريد أجمع تبرعات وفلان -مثلا- شخص أو قضية، نقول: قضية من القضايا يقول: أنا أريد أقوم للناس وأقول يا إخوان أريد تبرعات للأفغان ويتحدث عن الأفغان ومشكلات الأفغان وظروف الأفغان، يقول: آخذ المبالغ وبعضها أروحه للأفغان وبعضها أروحه لجهات أخرى، هل يجوز؟ قلت: لا، الغاية لا تبرر الوسيلة، قل للمسلمين: أنا أريد للجهاد الأفغاني وخذوا أعطي المجاهدين، عندك قضية أخرى شرعية بينها للناس، نحن نخلط بين الغايات والوسائل لا، كل منها لها حكمها.
    أيضا: عدم إدراك الفرق بين الثوابت والمتغيرات تقديم -كما قلت- عدم إدراك الفرق بين حب منهج السلف، وفهم منهج السلف، وتطبيق منهج السلف، فيه فرق بين حب منهج السلف، وفهم منهج السلف وتطبيق منهج السلف، الموفق هو الذي يحب منهج السلف، ويفهم منهج السلف، ويطبق منهج السلف، أما الذي يحب منهج السلف، ولكنه لا يفهمه ولا يطبقه من باب أولي هذا خلط، الذي يحب منهج السلف ويفهم منهج السلف لكنه لا يطبق منهج السلف لم يوفق للحكمة، نحن عندنا خلط إذا رأينا واحد يحب منهج السلف تصورنا أنه يفهم منهج السلف لا، يجب أن تتوافر ثلاثة أركان: حب منهج السلف، وهو منهج أهل السنة والجماعة، وهو منهج الكتاب والسنة، ما كان عليه الرسول وصحابته  وفهم هذا المنهج، ما كل إنسان يفهم المنهج لا يفهمه إلا العلماء ليس فقط الفهم، والعمل بهذا المنهج وتطبيق هذا المنهج، إذن هذا أقول من خوارم الحكمة وهو الخلط في المفاهيم. من خوارم الحكمة عدم إتقان قاعدة المصالح والمفاسد

    وأختم خوارم الحكمة بالنقاط التالية: عدم إتقان قاعدة المصالح والمفاسد، وعدم النظر في العواقب. من خوارم الحكمة الغفلة عن مكائد الأعداء
    الغفلة عن مكائد الأعداء، وعدم فقه الواقع أيضا هذا من أسباب خوارم الحكمة.


    ثامناً: أركان الحكمة
    من أركان الحكمة التجرد والإخلاص والتقوى

    والآن آتي إلى نقطة مهمة جدا، وقد تكون من أساسيات الموضوع وهى التي يتطلع إليها الإخوة الكرام، نواصل بعد الأذان -إن شاء الله-.
    الآن آتي إلى موضوع يتسأل عنه الكثير وهي ما هي أركان الحكمة وأسبابها؟، بنيَّت لكم خوارم الحكمة وموانع الحكمة، الآن أنتقل لموضوع هو قريب من ذاك الموضوع، ولكن لمزيد من الإيضاح ما هي أركان الحكمة؟ أركان الحكمة حسب اجتهادي وأخذا من الكتاب والسنة ما يلي:
    أولا: التجرد والإخلاص والتقوى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ)( ) (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ)( ) إذا وجدت التقوى والإخلاص والتجرد، ركن من أركان الحكمة. من أركان الحكمة التوفيق

    ثانيا: التوفيق، لا شك أن الحكمة توفيق من الله، ما الدليل؟ (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ)( ) الحكمة من الله (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ)( ) إذن لا بد من التوفيق والتوفيق له أسباب.

    من أركان الحكمة العلم الشرعي

    ثالثا: العلم الشرعي، ومنه فقه الواقع، وأركز على العلم الشرعي؛ لأن من أبرز خوارم الحكمة هو الجهل -كما قلت- خذوا من الأدلة على أن العلم الشرعي من أركان الحكمة، يقول الله -جل وعلا- عن يوسف: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً)( ) وقال: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)( ) لما بلغ أشده وآتاه الله -جل وعلا- حكما وعلما، قال: (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ)( ) أصبح حكيما، ويقول الله -سبحانه وتعالى-: (آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً)( ).
    وأيضا من الأدلة في العلم أن الله -جل وعلا- يقول: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)( ) من هم أولي الأمر؟ هم العلماء، كما قال المفسرون، إذن العلم سبيل لفهم الحكمة وبيانها، الرسول  يقول: " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " ( ) ويقول -جل وعلا-: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)( ) استبانة سبيل المجرمين، وهو عين الحكمة بعد تفصيل الآيات وبيان الآيات ومعرفة الآيات، إذن العلم ركن أساس من أركان الحكمة.

    من أركان الحكمة التجربة والخبرة والعمل

    رابعا: التجربة والخبرة والعمل، والمثل معروف عندنا يقولون:"أسأل مجرب ولا تسأل طبيب"، التجربة رصيد ضخم، ويقولون:" أكبر منك بيوم -هذا عند العوام مثل- أعرف منك بسنة"؛ لأنه أسبق منك بالتجربة بيوم، وعند البخاري يقول ورد حديث " لا حكيم إلا ذو تجربة " ( ) إذن هذا من الأمور المهمة التجربة رصيد ضخم من أركان الحكمة.
    من أركان الحكمة الاستشارة وتجنب الفردية

    خامسا: الاستشارة وتجنب الفردية، وهنا يا شباب، وهنا يا إخوة من أكثر ما نعانيه من عدم الحكمة عدم الاستشارة، عدم استشارة العلماء، عدم استشارة أولي الأمر الذين يملكون الفهم الصحيح والفردية، وقد قيل: الناس ثلاثة: رجل كامل -والكمال لله- لكن الكمال نسبي، ورجل نصف كامل، ورجل لا شيء، أما الرجل الكامل هو الذي عنده علم وحكمة ويستشير، ورجل نصف كامل عنده علم أو حكمة وعقل لكنه لا يستشير، ورجل لا شيء لا علم ولا عقل ولا يستشير وما أكثرهم.
    يا إخوان رسول الله  أكمل البشر على الإطلاق، يأمره الله -جل وعلا- أن يستشير، يستشير من؟ وهو الذي ينزل عليه الوحي يستشير أصحابه (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)( ) (وَأَمْرُهُمْ شُورَى)( ) نعم يا إخوة كم استشار صحابته في أحد، في بدر، في أحد، في كل المواقع أو أغلب المواقع رسول الله  يستشير صحابته، بل ويأخذ برأيهم أحيانا لو خالف رأيه، كما حدث في بدر، وكما حدث في أحد، وهو الذي ينزل عليه الوحي، إذا كان الذي ينزل عليه الوحي وأكمل البشر على الإطلاق  وأفضلهم يستشير صحابته، ونحن بجهلنا وضعفنا ألا نستشير علمائنا؟ ألا نستشير من نظن فيهم العقل والحكمة؟ لماذا ننفرد بآرائنا؟ لماذا أحدنا يقرر القرار وبعد لحظات يخرجه على الملأ؟، وكم يضيع ويتأثر بهذا القرار من الألوف، ومن الأمم.
    هل استشرت -يا أخي الكريم-؟ لا تقول: أنا قدرت الأمر، وأنا عارف، هل أنت أفضل من رسول الله؟ هل أنت أفضل من المعصوم؟ عمر وهو عمر، عمر المبشر بالجنة لو كان بعد رسول الله  نبي لكان عمر الملهم المحدث، ومع ذلك دائما يجمع البدريين دائما دائما، ويقول أحد الصحابة: إنكم تسألون عن مسائل لو كانت عند عمر لجمع لها أهل بدر، أنتم ترونها بسيطة سهلة هذا عند التابعين عمر يجمع لها من، أهل بدر، ومع ذلك ما يحقر أحد عمر يأتي حتى بعبد الله بن عباس  وعمره خمسة عشر عاما ستة عشر عاما، لكن دعي له بالحكمة، وثبتت حكمته  إذن نحن لماذا دائما نستقل بآرائنا مع ضعفنا وجهلنا وقلة علمنا وننعزل عن علمائنا؟ فالاستشارة ركن من أركان الحكمة مهما بلغ الرجل من العلم والعقل، بل أقول لكم: إذا كان عنده علم وعقل سيستشير إذا ما استشار الحقيقة لا علم ولا عقل، وعلى قدر قلة استشارته ينقص علمه وعقله، وعلى قدر قوة استشارته، وكثرة الاستشارة دليل على زيادة العلم والعقل، من شاور الناس شاركهم في عقولهم:
    إذا كـنت في حاجة مرسلا فأرسـل حكيمـا ولا توصه
    وإن باب أمـر عليك التوى فشـاور لبيبـا ولا تعصـه
    وإن نـاصح منك يوما دنا فلا تنـأى عنـه ولا تقصه


    من أركان الحكمة بعد النظر وسمو الأهداف وعلو الهمة

    من أركان الحكمة: بعد النظر، وسمو الأهداف، وعلو الهمة، وهذه مسألة مهمة أن تكون أنظارنا بعيدة -يا إخوة-، قد نستفز، قد نستدرج، قد يراد لنا مكائد، وما أوتي العالم الإسلامي في كثير من بلاد المسلمين إلا بهذه الطرق، يوضع لهم قوالب أو مقالب أو حفر، ويقعون فيها، طيبون والله مخلصون صادقون -وهكذا نعلمهم ولا نزكي على الله أحدا- ولكن ما في بعد نظر مع قلة علم وقلة ناصح، في كل يوم مساكين من مصيبة لمصيبة، ومن بلية لبلية، فبعد النظر وعلو الهمة وسمو الأهداف
    وإذ كـانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام

    من أركان الحكمة المجاهدة

    أيضا: المجاهدة الذي يجاهد مجاهدة حقيقة ليبحث عن الحكمة، الحكمة مضمونة، من ضمنها (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)( ) وسبيل الله هو عين الحكمة. من أركان الحكمة التثبت والحذر من العجلة والإرجاف

    أيضا: التثبت والحذر من العجلة والإرجاف (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا)( ) (وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ)( ) فالتثبت التثبت من أكثر ما نعاني خاصة هذه الأيام عدم التثبيت، إشاعة تقلب الدنيا ظهرا على عقب، إشاعة أرايتم المصيبة والمشكلة يا إخوان، تثبتوا ابحثوا، من قال لك، من نقل لك، من حدثك، عمن حدثه الإشاعة خطيرة جدا علاجها بالتثبت، والتثبت ركن من أركان الحكيم العاقل الرزين، رجاحة العقل.
    ولذلك قال الله -جل وعلا- لما ذكر الآية: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)( ) بماذا ختم الآية قال: (وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)( ) أولو العقول، إذاً ما كان الإنسان عنده عقل، إذا فقد عقله، والله ما ينفع فيه شيء، العقل الرزانة واللي عنده نقص، وكلنا عقولنا ما نقول أحد كامل عقله، من شاور الناس شاركهم عقولهم، لكن يقولون العوام، والعوام عندهم حكم، والحكم من الحكمة، يقولون: كل راضي بعقله، ولا أحد راضي برزقه، والمفروض يحدث العكس أن كل منا يرضى برزقه، ويتهم عقله ورأيه، الواقع عندنا العكس كل راضي بعقله حتى المهبول ما في أي أحسن منه حتى المهبول المجنون أعقل الناس في رأيه، يقول: شوية مجانين، نعم لكن ما في أحد راضي برزقه، اللي عنده عشرين مليار يبغي ثلاثين مليار، والمفروض تنعكس الآية أو ينعكس المثل.
    من أركان الحكمة العدل

    فأيضا: العدل يا إخوان (بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)( ) (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا)( ) فقه السنن الكونية والشرعية، من أبرز أركان الحكمة هو الصبر يقول الله -جل وعلا- (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا)( ) هل يمكن أن يهدوا بأمر الله وهم ليسوا حكماء؟ هل يمكن؟ لا يمكن أبدا فالله يبين لنا أنه جعلهم أئمة لما صبروا (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا)( ) وفي آية أخرى في السجدة (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ)( ) وهنا أوجه كلمتي لكم جميعا ولمن ورائكم الصبر الصبر يا أحبتي الكرام:

    صبرت حتى ضجَّ الصبر من صبري
    اصبر الصبر يا أحباب باب الفرج، الصبر عندنا قليل، وعين الحكمة هو في الصبر والتحمل، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)( ) والآيات كثيرة في الصبر، فلا يمكن أن نحصل على الحكمة إلا بالصبر.
    الدعاء والاستخارة لا تقللون من قيمة الدعاء والاستخارة لا والله الدعاء والاستخارة، وبالذات أقول الدعاء وفي آخر الليل، وبالذات الاستخارة يفتح الله لك أبواب خير، هذا هو الحكمة يوفقك الله للصواب لما تستخير الله -جل وعلا- ويهديك للحق.
    من أركان الحكمة الرفق واللين

    الرابع عشر: وهو قبل الأخير الرفق واللين و " ما كان الرفق في شيء قط إلا زانه ولا عزل عن شيء إلا شانه " ( ) أو كما قال  وهنا أنبه فرق بين الرفق والضعف، الرفق شيء والضعف شيء، الرفق يمكن أن يكون حتى مع القوة بل هو مع القوة، أعطيكم مثالا كان بعض الإخوان يتصورن أن الرفق يناقض القوة لا يا أخي الكريم " وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته " ( ) الآن وهو يبغي يذبحه بلين أليس كذلك؟ اجتمع الذبح واللين نعم ما في تناقض بين الذبح واللين لا، اللين مطلوب في كل شيء (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)( ) مع أن من هو الأقوى هل هناك شك في قوة رسول الله  كم أعطي من القوة  فإذاً فرق لا نخلط وسآتي لهذه الوقفة بعد قليل.
    من أركان الحكمة التأمل في أسماء الله وصفاته

    وأخيرا أقول من أركان الحكمة هو التأمل في أسماء الله وصفاته "الحكيم" "حكيما" "ذو حكمة"، واقرأوا رسالة جيدة للشيخ عبد العزيز الجليد في هذا الموضوع "الله عليم حكيم" وبيان الحكمة حتى نتأثر وتتحول الأسماء وفهمنا للأسماء والصفات إلى واقع عملي.


    تاسعاً: قضايا أخطأنا فيها في موضع الحكمة
    موضوع الوالدين والزوجة والأولاد بين إفراط وتفريط

    أخيرا -أيها الإخوة- في الدقائق الباقية أقف مع نقطتين:
    النقطة الأولي: هي قضايا كثيرة أخطأنا فيها في موضع الحكمة ونحن فيها بين إفراط وتفريط إلا من عصم الله وهي:
    موضوع الوالدين والزوجة والأولاد بين إفراط وتفريط، ولن أطيل لأني سأعلق تعليق سريع فيها فأقول ما أحوجنا إلى الحكمة في موضوع الأهل، ما أحوجنا إلى الحكمة في موضوع الزوجة، ما أحوجنا إلى الحكمة في موضوع الأولاد، كذلك المجتمع وأسلوب التعامل أيضا أهل البدع نحتاج إلى الحكمة في التعاون معهم لا تتصورون أن الحكمة هو السكوت عليهم، لا تتصورون الحكمة عندما أقول الحكمة هي المداهنة لا الحكمة هو أن ندعو أهل البدع ضمن المنهج الشرعي، وفق منهج أهل السنة والجماعة، أيضا إنكار المنكر، والله ما أحوجنا إلى الحكمة في الأمر بالمعروف، لكن أركز على إنكار المنكر، دائما نفقد الحكمة عند إنكار المنكر قليل قليل منا من ينضبط عند إنكار منكر، وكم مرة نغضب لأنفسنا وكأنه غضب لله -جل وعلا- دائما هذه من المشكلات نتصور أنه غضب لله، وهو غضب لأنفسنا في الحقيقة.
    مثال بعض الإخوة ذهبوا إلى رحلة معهم شاب صغير عمره عشر سنوات، انظروا الحكمة انظروا الحكمة فقالوا لهذا الشاب أو الطفل طفل كبير أو شاب صغير أطرق هذا الباب اذهب إلى هذا البيت، وقل الإخوان يريدون أن يزوروك، فذهب وطرق الباب، وكان بيت رجل عاص، وقال: السلام عليكم طلع عليه هذا الرجل، وقال: إيش تبغي إيش تبغي قال له: يا أخي نحن بعض الإخوان زائرينك نبغي أن نزوركم وكذا، قال: اصلب وجهك وتفل في وجه -أعاذكم الله- فماذا فعل الطفل المفروض أنه أخذ حصاة هذا الحكمة، هذا الطفل الصغير مسح -أكرمكم الله- البصاق على وجه وقال الحمد لله الذي أوذيت في سبيلك، وانصرف فهذا صاحب البيت لما رأى هذا المشهد تجمد في الباب دهش بعد قليل لحقه، قال له: تعال -جزاك الله خيرا- أنا أخطأت تعال من أنت؟ من أين أصحابك؟ وأصرَّ إلا أن يستضيفهم ويكرمهم، أريتم كيف الحكمة؟.
    ما غضب لنفسه هذا الطفل نحن عند إنكار بعض المنكرات نأتي لننكر المنكر يتكلم علينا صاحب المنكر، فنغضب فنحسب أنه غضب لله وغضب لأنفسنا الرسول  يأتيه من يأخذ برقبته، ويقول: أعطيني يا محمد فإنك لا تعطيني من مال إمك ولا أبيك، يقول: أعطوه ويمسك لسانه، ويقول: أعطوه، فجاء هذا الرجل وهو أبغض من يرى رسول الله  ورجع وهو أحب ما عليه رسول الله  لا تغضبوا لأنفسكم اغضبوا لله، فما أحوجنا إلى الحكمة في إنكار المنكر.
    إشاعة بعض الأخبار والمفاهيم

    أيضا: إشاعة بعض الأخبار والمفاهيم وهذه نقطة مهمة يا إخوان وإشاعة بعض المنكرات المستترة إشاعة بعض المنكرات المستترة خلاف الحكمة (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا)( ) ماذا قال الله لهم وفيهم.


    الاستماع إلى طرف واحد في قضية لها عدة أطراف

    أيضا: الاستماع إلى طرف واحد في قضية لها عدة أطراف خلاف الحكمة، النقض وبيان الأخطاء يجب أن نكون معتدلين بين إفراط وتفريط، هناك من يقدس الأشخاص والجماعات ممنوع تنقضهم تنقض شخص أو أحد العلماء أو تنقض جماعة من الجماعات، مقدس يغضب حتى إن بعضهم لو نقضت إمامه غضب أكثر مما لو نقضت رسول الله -صلى الله عليه وسلم والعياذ بالله- وبعيد أن ننقض رسول الله  بعيد، لكن نقول لو جاء إنسان ونقض أحد الصحابة أو جرح في أحد الصحابة ما غضب كما لو نقض إمامه، التعصب للأشخاص -والعياذ بالله- أو الجماعات، وآخرون جاءوا بالجماعات وجاءوا بالعلماء على المشرحة وما يعرفون إلا أخطاء العلماء وما يعرفون إلا فعل العلماء، وقال العلماء وأخطاء هذه الجماعات، إفراط وتفريط نحتاج إلى الحكمة إلى العدل أيضا، فأقول أقف عند هذا الحد في موضوع القضايا التي يكثر الخطأ فيها.


    عاشراً: كلمات تكثر على ألسنتنا ونخطئ الفهم فيها

    وأخيرا وضعت كلمات تكثر على ألسنتنا ونخطئ الفهم فيها وهى أختم بها حديثي انتبهوا لها بارك الله فيكم:ـ
    خلط في مدلول كثير من المصطلحات سأذكر المعني الصحيح، والخلط الذي فيه بسرعة، عندنا خلط بين القوة والعنف والغلظة فيه فرق بين القوة والعنف والغلظة القوة محمودة في موضعها والعنف والغلظة غير مطلوب فالواحد منا إذا استخدم القوة في موضعها قالوا له أنت غليظ أنت عنيف غير صحيح.
    أيضا: الخلط بين الرفق واللين وبين الضعف، إذا كان الواحد رفيقا ولينا، قالوا هذا ضعيف مسكين، غير صحيح يا إخوان الرفق واللين غير الضعف، الضعف شيء والرفق واللين شي آخر -كما بينت قبل قليل-.
    فرق بين المدارة والمداهنة المداراة قد نحتاج إليها، أما المداهنة لا تجوز في دين الله نحن إذا دارى الإنسان لإزالة منكر أو شيء قالوا يداهن هذا غير صحيح هذا الكلام.
    أيضا: خلط بين المصلحة والمفسدة، الخلط بين النصيحة والتشهير إذا نصح واحد منا قالوا: أنت تشهر لماذا تنصح أمام الملأ سبحان الله! يا أخي، اقرأوا الرسالة الفرق بين النصيحة والتعيير لابن حجر فرق -يا أخي- النصيحة شيء والتشهير شيء آخر، إذا نصح أحدنا وقال كلمته جهرا في الموقع الذي يقتضي ذلك قالوا تشهر، هل الإمام أحمد بن حنبل يشهر عندما تكلم عن المأمون؟ هل أبو سعيد الخدري  عندما تكلم على مروان كان يشهر؟ هل سعيد بن جبير عندما تلكم على الحجاج أمام الملأ يشهر؟ هل ابن تيمية عندما تكلم بالحق وصدع بالحق أمام ملوك الطوائف وأمام التتار يشهر؟ هل العز بن عبد السلام عندما صدع بالحق كان يشهر؟ هل أئمة الدعوة كان يشهرون؟ كلا وحاشا النصيحة شيء والتشهير شيء آخر فعندما ينصح بعضنا يقول: أنتم تشهرون وبعضنا يخطئ نعم قد يكون بعض النصيحة في غير موقعها فضيحة نعم
    وموضع الندي في موضع السيف بالعلا مضـر كـوضع السـيف فـي موضع الندى

    إذا كانت -يا أخي الكريم- النصيحة تقتضي أن تكون سرا فلتكن سرا إذا كانت تقتضي الرسالة برسالة إذا كانت تمكن بالهاتف بالهاتف، إذا كانت لا بد أمام الملأ والله أمام الملأ. والكل وضع الحكمة في موضعها، هذا هو الحكمة وضع الشيء في موضعه.
    أيضا: الفرق بني الإسرار والسكوت عن الحق الفرق بين الغيرة والاندفاع والحماس، فيه فرق بين الغيرة والاندفاع والحماس، الغيرة مطلوبة والاندفاع والحماس بدون ضابط غير مطلوب.
    الفرق بين الكرم والإسراف فرق بين الاقتصاد والبخل، فرق بين العزة والتكبر هناك من يتكبر على المسلمين يقول: هذا عنده عزة ما عنده عزه -يا أخي- هذا متكبر.
    وفرق أيضا بين التواضع والذل يقول: هذا متواضع -يا أخي- هذا ذليل ما هو متواضع، فيه فرق بين التواضع والذل، إذا ذليت للمؤمنين، وكنت عزيزا على الكافرين فهذا المنهج الصحيح لكن إذا كنا أمام أعداء الله أذلة ضعفاء وأمام المسلمين شجعان.
    أسـد علي وفي الحروب نعامة فتخاء تنفر من نفير الصافر

    فرق بين الذل والتواضع فرق بين العزة والتكبر.
    أيضا: فرق بين التأني والخمول والبرود، التأني مطلوب لكن الخمول والبرود، لأ، فرق بين الشجاعة والتهور، إذا كان الواحد شجاعا قالوا: متهور، وإذا أحيانا كان متهورا قالوا: شجاع غير صحيح، المتهور متهور والشجاع شجاع.
    أخيرا: فرق بين خوف الفتنة وهو مطلوب خوف الفتنة مطلوب، وبين الجبن والخوف، كثير من الجبناء واللي يخافون يقولون والله خوف الفتنة، لا يا أخي خائف على نفسك، خائف على نفسك، صراحة لا تضعها في خوف الفتنة على المسلمين، وآخر يقول لا حتى لا يقال: إني خائف يتصرف يقول: بشجاعة وهو لا، يا أخي أنت توقع الفتنة فرق بين المصطلحين، ويا أحبتي الكرام أختم هذه المحاضرة بهذه الكلمات أو هذه الأبيات:ـ
    ومـن الرجال إذا اســتوت أخلاقهم مــن يستشـار إذا استشير فيطرق
    حــتى يحــل بكــل واد قلبــه فـيرى ويعـرف مـا يقـول فينطق

    وخذوا كما بدأت محاضرتي وفي أثناء محاضرتي " إن من الشعر حكمة " ( ) أختم المحاضرة بهذه الأبيات الجميلة:
    من أطلق القول بلا مهلة لا شك أن يعثر في عجلته

    حكمة، حكمة يا إخوان:
    مـن لزم الصمت نجا سالما لا يندم المرء على سكتته

    إلا إذا سكت عن الحق
    مـن أظهـر النـاس على سره يسـتوجب الكـي علـى مقلته
    مــن مازح الناس استخفوا به وكان مذمومـا علـى مزحته
    مــن لاعـب الثعبان في كفه هيهـات أن يسـلم من لسعته
    مـن عاشـر الأحمق في حاله كان هـو الأحمق في عشرته
    مـن غـرس الحنظل لا يرتجي أن يجـتني السكر من غرسته
    مـن جـعل الحـق لـه ناصرا أيــده اللـه علـى نصرتـه
    نصرنا الله وإياكم، وألهمنا الحكمة والتوفيق والسداد، أقول قولي هذا واستغفر لله لي ولكم ومعذرة، فقد أطلت عليكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  2. #2
    هكر متألق الصورة الرمزية Iraqe Hacker
    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    الدولة
    Iraqe Hacker™ ✔©Page&Official®Mafia █║▌│█│║▌║││█║▌║▌║
    المشاركات
    3,254

    افتراضي رد: (الحكمة المظلومة )

    جزاك الله خيرا صديقي
    الصراحة تعبت الموضوع طويل شوي بس بعدين اكملو بارك الله فيك

  3. #3
    هكر نشيط الصورة الرمزية كهرباء 12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    الدولة
    أم درمان السودان
    المشاركات
    190

    افتراضي رد: (الحكمة المظلومة )

    تسلم ياراقي

  4. #4

    افتراضي رد: (الحكمة المظلومة )

    بآرك الله فيك
    مشكؤر
    إخترآق أجهزة _ إيميلات 100 %
    تشفير _ هيكس _ تلغيم 100 %
    اندكسات _ فرونت بيج 100 %
    إختراق مواقــع 30 %

    #
    تم إعتـزال إختراق الأجهزة والتشفير

    twitter : Ss_pc3

  5. #5

    افتراضي رد: (الحكمة المظلومة )

    بارك الله فيك اخي العزيز . على الموضوع رغم طوله لكن ذو فائدة كبيرة جدا مشكور

    لا اله الا الله محمد رسول الله




  6. #6
    هكر نشيط الصورة الرمزية كهرباء 12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    الدولة
    أم درمان السودان
    المشاركات
    190

    افتراضي رد: (الحكمة المظلومة )

    جزاكم الله خير الجزاء اخوانى

  7. #7

    افتراضي رد: (الحكمة المظلومة )

    بارك الله فيك

    tunisian hackers white hat
    ',,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,'


    $ÏL¥Ë

  8. #8
    هكر متميز الصورة الرمزية hackerpk
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    الدولة
    مغربي في اسبانيا
    المشاركات
    1,165

    افتراضي رد: (الحكمة المظلومة )

    merciii frereoooo

  9. #9

    افتراضي رد: (الحكمة المظلومة )

    بوركككككككككت ـ

المواضيع المتشابهه

  1. الحكمة من نزول القران على سبعة احرف
    بواسطة hooos في المنتدى المنتدى إلاسلامي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 12-09-2010, 10:16 AM
  2. الحكمة من قول الحمدلله بعد العطاس
    بواسطة عآزف الكيبورد في المنتدى المنتدى إلاسلامي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-03-2010, 02:49 PM
  3. الحكمة من تحريم أكل لحم الخنزير
    بواسطة ASDELY-ScOrPiOn في المنتدى المنتدى إلاسلامي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 08-25-2009, 06:10 AM
  4. الحكمة من تحريم أكل لحم الخنزير
    بواسطة ASDELY-ScOrPiOn في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 08-25-2009, 06:10 AM

المفضلات

أذونات المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •