من خرج على وليّ الأمر مرّة يخرج مرّتين و ثلاث.... خروج بعد خروج بعد خروج

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة و السلام على نبينا محمد و آله و أصحابه أجمعين، أمّا بعد

فإنّ علماء السّنّة هم أفقه النّاس بالواقع و أبعدهم نَظرا و أعمقهم بصيرةً، لِمَا معهم من ميراث نبيّهم محمد صلى الله عليه و سلم، فكان حينئذ على عامّة المسلمين و خاصّتهم الرّجوع إليهم ولزوم غرزهم فيما ينوبهم من أمور دينهم و دنياهم.
و نظرا للفوضى الأخيرة التي حلّت في بعض بلدان المسلمين بعدما خرجوا على بعض وُلاتهم و نصّبوا خليفة له، ثم هم الآن يخرجون على الثاني و ما أحدثوه من فتن في أوساط الناس أحببت أن أُذكّر هنا بكلام نفيس للشيخ الفاضل ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى عسى أن ينتفع به من يصله من المسلمين عامّة. قال -بارك الله في عمره- :

"السّمع والطّاعة لأمير المؤمنين برّهم و فاجرِهم، من اجتمعت عليهم الأُمّة وصل، إلى مرتبة الخليفة، وصل بالسيف، خرج على إمامٍ قبله وتغلّب عليه ثم قامت دولته لا يجوز الخروج عليه، لأنك إذا خرجت عليه مرة ثانية تخرج مرة ثالثة وتخرج مرة رابعة وتصبح الأمة في صراع من خارج إلى خارج، لا، الأصل لا يجوز الخروج، فإذا سلّط الله على هذا الإنسان من خرج عليه وانتصر على دولته وقام على أنقاضه دولة جديدة، فيجب أن يقف المسلمون عند هذا الحد ويسلّموا القياد لهذا المتغلّب.
وهذا المتغلّب سواء جاء عن طريق الاختيار والشورى والبيعة، أو جاء عن طريق الغلبة وصل
إلى الإمارة بالسّيف وأصبح له شوكة وأصبح له قوة -بارك اللّه فيكم- يجب أن تسلّم يجب أن تسلّم له، وتحقن دماء المسلمين، فهذا سواء كان برا أو كان فاجرا تجب له الطاعة."
"...إذًا خروجٌ، بعد خروجٍ، بعد خروجٍ، الآن يا إخوة هؤلاء الثّوريون قامت لهم دول عن طريق الانقلابات وعن طريق الانتخابات وعن طريق كذا وكذا، ماذا صنعوا؟ ماذا حقّقوا من الشعارات هذه؟ مِن أبعد الناس عن تطبيق الشريعة الإسلامية، بل يزيدون على الحكام الآخرين المنحرفين بعقد مؤتمرات وحدة الأديان وتشييد الكنائس وتقريب النصارى وإذلال المسلمين وإفقارهم وإهلاكهم في دينهم ودنياهم، والله وصلُوا بالانتخابات ووصلوا بالانقلابات ووصلوا بشتّى الأمور، وشاركوا في وزارات، كلّه كلام فارغ، ما تميّزوا على
غيرهم في شيء.
إذن لا نثق في هؤلاء، هؤلاء همّهم الوصول إلى الكراسي بأيّ حال من الأحوال، ثم بعد ذلك
يُديرون ظهورهم إلى الإسلام! كما جرّبتم وعرفتم، هنا وهناك في بلدان كثيرة ثمَّ أحياناً يأتون
بانقلاب باسم الإسلام فينقلب عليهم شيوعيّ أو أي منهج ضال آخر." اهـ

من شرح أصول السُّنّة للإمام أحمد ص 72-73.