بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{وَالفِتْنَةُ أشَدّ مِنَ القَتْل}
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير ألأنام ومصباح الظلام وعلى آله وصحبه الكرام
أما بعد :



قال تعالى في سورة البقرة:

{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ}.



إعلم أخي أن المراد بالفتنة هنا هو الشرك و ليس النميمة كما يتوهم بعض الناس فيوردون هذه الآية عند حصول أي شجار ناتج عن نميمة، و إليك أقوال بعض المفسرين في ذلك:


قال الطبري:


القول في تأويل قوله تعالى:
{وَالفِتْنَةُ أشَدّ مِنَ القَتْل}.
يعني تعالى ذكره بقوله
{وَالفِتْنَةُ أشَدّ مِنَ القَتْل}.
والشركبالله أشدّ من القتل.
وقد بينت فيما مضى أن أصل الفتنة الابتلاء والاختبار فتأويل الكلام وابتلاء المؤمن في دينه حتى يرجع عنه فيصير مشركا بالله من بعد إسلامه أشدّ عليه وأضرّ من أن يقتل مقيماً على دينه متمسكاً عليه محقّاً فيه.


وقال القرطبي:


أي شركهم بالله وكفرهم به أعظم جُرْماً وأشدّ من القتل الذي عيرّوكم به. وهذا دليل على أن الآية نزلت في شأن عمرو بن الحَضْرمِيّ حين قتله واقد بن عبد اللَّه التميمي في آخر يوم من رجب الشهر الحرام.

وقال ابن الجوزي:

فأما الفتنة، ففيها قولان.
أحدهما:
أنها الشرك، قاله ابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وقتادة وآخرين.
والثاني:
أنها ارتداد المؤمن إلى عبادة الأوثان قاله مجاهد.
فيكون معنى الكلام على القول الأول:
شرك القوم أعظم من قتلكم إياهم في الحرم.
وعلى الثاني:
ارتداد المؤمن إلى الأوثان أشد عليه من أن يقتل محقاً.

وقال النسفي:
{وَالفِتْنَةُ أشَدّ مِنَ القَتْل}.
أي شركهم بالله أعظم من القتل الذي يحل بهم منكم.


وقال الخازن:
{وَالفِتْنَةُ أشَدّ مِنَ القَتْل}.
يعني أن شركهم بالله أشد وأعظم من قتلكم إياهم في الحرم والإحرام وإنما سمي الشرك بالله فتنة لأنه فساد في الأرض يؤدي إلى الظلم.
وإنما جعل أعظم من القتل لأن الشرك بالله ذنب يستحق صاحبه الخلود في النار وليس القتل كذلك،
والكفر يخرج صاحبه من الأمة وليس القتل كذلك فثبت أن
{وَالفِتْنَةُ أشَدّ مِنَ القَتْل}.